Taariikhda Islaamka: Hordhac Kooban
التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
لكن ما الذي كان يفعله البريطانيون - وغيرهم من الأوروبيين - في آسيا من الأساس؟ الإجابة السريعة - آنذاك والآن أيضا - هي «شراء السلع». فبدءا من القرن السادس عشر، سعت دول صغيرة لديها سفن كبيرة (هولندا والبرتغال) ولاحقا دول كبيرة لديها سفن كبيرة (بريطانيا وفرنسا) إلى بسط نفوذها على الطرق التجارية الممتدة إلى الشرق الأقصى التي يمكن منها شراء التوابل والسلع الأخرى مباشرة (ومن ثم بأسعار زهيدة ). لقد استفادت الدول والمجتمعات الإسلامية طيلة قرون من موقعها الاستراتيجي الذي كان يشكل جسرا بين أوروبا وآسيا. وفيما قبل العصر الحديث، اجتمعت مركزية العالم الإسلامي جغرافيا مع ثقافته الرفيعة، وتنظيمه السياسي، وقوته العسكرية، وهو ما أتاح للمسلمين الهيمنة على أجزاء كبيرة من أفرو-أوراسيا في وقت كان فيه الأوروبيون - بشكل نسبي - يتسلقون الأشجار ويعيشون حياة بدائية. لكن في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر تحديدا تزامن أفول نجم الإمبراطوريات الإسلامية الكبرى مع بزوغ نجم الإمبراطوريات الأوروبية.
نتيجة للثورة الصناعية، حظي الأوروبيون بمزايا مهمة في مجالي الإنتاج والاتصالات؛ ووجهت الحروب النابليونية (1793-1815) الجهود الصناعية لخدمة الأغراض العسكرية؛ وحشدت الثورة الفرنسية قطاعات كبيرة من السكان عن طريق تشجيع الحس الوطني والأفكار الخاصة بخدمة البلاد؛ وقدم عصر التنوير تبريرا علميا لوجود تسلسل هرمي من الحضارات (يقبع الأوروبيون على قمته لا شك). ولما كانت الإمبراطوريات الإسلامية الثلاث الكبرى مكونة في الأغلب من اليابسة، فقد كانت عاجزة عن محاربة السفن الأوروبية، حتى وإن كانت في ذروة قوتها، وهي لم تكن كذلك. فقد المغول والصفويون قوتهم في بداية القرن الثامن عشر، ولم يستمر العثمانيون إلا بإعادة تنظيم إمبراطوريتهم على غرار الإمبراطوريات الأوروبية. حرر الحصار العثماني الفاشل لفيينا عام 1683 والهزائم المخزية في الحرب الروسية العثمانية (1768-1774) السلاطين العثمانيين من وهم الاعتقاد بأنهم متفوقون عسكريا على القوى الأوروبية، أو حتى مساوين لها. وساهمت لامركزية الإمبراطورية، والشقاق الحزبي داخل البلاط العثماني، وانعدام الاستقرار الداخلي في تعزيز الانطباع بأن الإمبراطورية العثمانية هي «رجل أوروبا المريض». واستجابة لذلك، سعى السلاطين بدءا من عهد سليم الثالث (الذي امتدت فترة حكمه من عام 1789 حتى عام 1807) إلى إعادة التأكيد على نفوذهم عن طريق اتخاذ تدابير داخلية أدت إلى «إعادة تنظيم» الإمبراطورية فيما عرف باسم «التنظيمات» (1839-1876)، وفيها حل القانون المدني محل الشريعة، وتساوى غير المسلمين مع المسلمين، وجرى تحديث الإدارة العثمانية في معظم جوانبها. أدخل الحاكم المستبد (أو «الخليفة» كما كان يرى نفسه) عبد الحميد الثاني (الذي امتدت فترة حكمه من عام 1876 حتى عام 1909) شبكة خطوط سكة حديدية إلى الإمبراطورية [المتقلصة]، وكثف الاستثمار في مشروعات البناء. وجدير بالملاحظة أنه بينما كان السلاطين السابقون يتباهون بتكفلهم إقامة المساجد وغيرها من المنشآت الدينية الأخرى، كادت مشروعات عبد الحميد تكون كلها دنيوية بحتة. كان التحديث واسع النطاق باهظ التكلفة؛ ولذا وجدت الدول الإسلامية نفسها مدينة بمبالغ كبيرة إلى الدول الأوروبية، وسرعان ما وجد الأوروبيون أنفسهم يتولون السلطة السياسية على الأراضي الإسلامية.
غير أنه لم يكن هناك مفر من كل ذلك، وفي بعض المناطق في العالم الإسلامي تحركت الأوضاع في اتجاه مختلف تماما. ففي القرن السادس عشر، تحرك البدو من الصحراء الكبرى نحو الشمال ليسيطروا على قلب الأراضي المغربية مؤسسين سلالة من «الأشراف» (هؤلاء الذين زعموا انتسابهم إلى النبي) تولوا حكم البلاد من مراكش؛ ومن يومها وهم يحكمون المغرب. استطاعت سلالة السعديين (التي امتدت فترة حكمها من عام 1554 حتى عام 1659) أن تجتاز الصحراء التي كانت تعتبر في السابق منيعة عسكريا، ودمرت دولة سنغاي في غرب أفريقيا وعاصمتها الشهيرة تمبكتو عام 1591. قادت هذه السلالة أيضا حركة المقاومة ضد القوات الإسبانية والبرتغالية عام 1578، وصمدت أمام التحديات العثمانية جزئيا عن طريق تأليب البريطانيين والإسبان ضد بعضهم البعض، وجميعها عوامل ساعدتهم على البقاء دولة إسلامية مستقلة. نجحت الدول الخاضعة لحكم الأشراف في درء خطر الأوروبيين حتى أواخر القرن التاسع عشر، وكان الأشراف العلويون (الذين امتدت فترة حكمهم من عام 1666 حتى الآن) أول من يعترف بدولة الولايات المتحدة الأمريكية حين نالت استقلالها. مع ذلك، حتى هذه السلالة لم تسلم من الاستعمار في النهاية؛ ففي عام 1912 فرض الفرنسيون وصايتهم على المغرب، ولم ينل المغاربة استقلالهم إلا عام 1956 في عهد السلطان محمد الخامس (الذي امتدت فترة حكمه من عام 1927 حتى عام 1961).
خضعت معظم المجتمعات الإسلامية للحكم الأجنبي على مدار الألفية السابقة عندما حكم الأتراك، والمغول، والبرابرة، وكذلك العرب - في بعض الفترات والمناطق - بوصفهم أجانب، وعادة ما كان يصاحب ذلك عدم مراعاة للعادات والاهتمامات المحلية. الاستعمار الأوروبي على وجه التحديد لاقى مقاومة لثلاثة أسباب . أولا، كانت القوى الاستعمارية - مثلها مثل الصليبيين - غير مسلمة، وكثيرا ما كانت في تنافس مباشر مع المسلمين لنشر عقيدتها (وهي منافسة عادة ما كان يفوز فيها المسلمون). لكن على عكس الصليبيين، كانت هذه القوى تتمتع بحضور دائم وعلى علاقة بجميع المسلمين تقريبا. ثانيا، كانت المجتمعات الإسلامية في هذه الفترة قد أصبحت على دراية بآليات مقاومة الاستعمار وبدائله، وذلك بعيدا عن مفهوم الجهاد الذي ناصره البعض. حذت الحركات المنادية بالوحدة الإسلامية والوحدة العربية والوحدة التركية حذو حركات التحرير الوطنية في أماكن أخرى؛ الأمر الذي زاد من تطلع المسلمين إلى التغلب على الحكم والنفوذ الأجنبيين. ثالثا، في ظل انتشار وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة ذاعت الحقائق المرتبطة بالنقطتين السابقتين في كل مكان.
بداية من القرن التاسع عشر (وقبل ذلك)، بزغ في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي نجم عدة حركات تهدف إلى إعادة تمكين الإسلام وتطهيره، واستهدفت تلك الحركات القوى الخارجية (الاستعمار) والقوى الداخلية (ما أطلق عليه الممارسة السطحية أو التوفيقية للإسلام، وكذلك علمنة المجتمعات الإسلامية وحكامها). وعلى الرغم من أن الحركات الفردية عادة ما كانت لديها شكاية معينة، فإنه مع الوقت أصبح عدد كبير من هذه الجماعات - ومعظم أتباعها - يجمع بين عدد مختلف من صرخات الحرب أو يختصر الشكايات في مجرد شعور عام بأن «الأمور ليست على ما يجب أن تكون عليه»، وأن الحل هو التغيير على خطى إسلامية متشددة. وما أثار حنق هذه الجماعات على وجه الخصوص أنها كانت ترى أن القيادة الإسلامية تساهم في المشكلة بدلا من حلها. وقد مال هؤلاء المفكرون والناشطون إلى تسمية أنفسهم باسم «المجددين»، بينما نميل إلى تسميتهم باسم «الإسلاميين» (وهو مصطلح يشمل مجموعات أخرى عديدة أيضا). ومع أن جذور الإسلام السياسي غالبا ما تعود إلى محمد بن عبد الوهاب (الذي توفي عام 1787)، فإنه قد شهد تحولا في القرن العشرين بتأسيس حسن البنا (الذي توفي عام 1949) جماعة الإخوان المسلمين (مصر 1928) وتأسيس أبو الأعلى المودودي (الذي توفي عام 1979) الجماعة الإسلامية (الهند 1941). استهدفت الجماعة الأولى المستعمرين الأجانب والعلمانيين من أهل البلاد، بينما انصب تركيز الجماعة الثانية على البريطانيين وحلفائهم الهندوس. وسرعان ما اتسع نطاق هذه الحركات دوليا، وأصبحت لها فروع عديدة؛ فقد أثرت أفكار المودودي في المفكر الإسلامي المصري البارز سيد قطب (الذي توفي عام 1966) الذي ينتمى هو نفسه لجماعة الإخوان المسلمين (التي أسس أعضاؤها حركة حماس عام 1987).
يقال إن أساس فهم المجتمعات الإسلامية في القرن التاسع عشر هو الاستعمار، مع أن ثمة عاملا آخر لا يسلط الضوء على أهميته الكبرى، هو انتشار الطباعة في جميع أنحاء الأراضي الإسلامية في هذه الفترة. لقد أدت الطباعة - وأشياء أخرى - إلى انتشار الصحف، فظهرت الصحف الحكومية في مصر (1824)، وتركيا والأقاليم العثمانية الأخرى (1831)، وإيران (1837)، وأماكن أخرى في سنوات لاحقة. والجدير بالذكر أن الرواد من الإصلاحيين الإسلاميين أشرفوا على تحرير الصحف، ونشروا أفكارهم عبرها. أصدر الأيديولوجيون أمثال محمد عبده (الذي توفي عام 1906) وجمال الدين الأفغاني (الذي توفي عام 1897) صحيفة دينية مجانية اتخذت منبرا لبث الأفكار الإسلامية والمناهضة للبريطانيين، ووصلت إلى القراء في أنحاء العالم الإسلامي (فيما عدا مصر والهند حيث حظرها البريطانيون). أيضا أشرف رشيد رضا (الذي توفي عام 1935) - وهو أحد تلاميذ محمد عبده - على تحرير المجلة الإسلامية «المنار» لمدة تصل إلى 40 عاما قام خلالها بنشر أفكار أستاذه على نطاق واسع بالإضافة إلى مقترحاته بشأن تأسيس خلافة إسلامية موحدة.
أسفرت الطباعة أيضا - وإن كان بغير قصد - عن إضفاء طابع الديمقراطية على السلطة الدينية. ففي الماضي، كانت التعاليم الإسلامية تنتشر من خلال التفاعلات الشخصية مع العلماء أو الزعماء الصوفيين. وحدهم الزعماء المبجلون الذين يستطيعون - بفضل تعليمهم الديني وسمعتهم - اجتذاب جماعة من الأتباع هم من كانوا يتركون تأثيرا لدى الناس. أما في ظل انتشار وسائل الإعلام الحديثة (بدءا بالطباعة وليس انتهاء بها)، كان بوسع أي شخص يستطيع الوصول إلى التقنية المطلوبة أن يؤثر في ملايين الأشخاص. لم تعد السمعة المحلية والشهادات الدينية تحظى بأهمية وسائل الاتصال. وكثيرا ما تسبب هذا التطور في اختلال التوازن المتحقق بين العلماء والسلطات السياسية؛ وهو توازن كان بقاؤه يعتمد على السيطرة على العلماء أو مساندة المذعنين منهم على حساب الطرق الصوفية الشهيرة. وهكذا تعقدت المصفوفة بظهور الإسلاميين الذين كان لديهم وقت قليل لمعظم الصوفيين وللسياسيين المسلمين المتغربين (أو العلماء الذين تنازلوا لهم عن كل شيء).
كل هذا يوضح بلا شك أنه من السطحية اعتبار الإسلام السياسي رفضا تفاعليا للغرب ولمناهجه. لقد سعد الإسلاميون بحصولهم على معدات الحضارة الغربية الحديثة وبرامجها والاستفادة منها في خدمة قضيتهم. ولا يخفى على أحد أن آية الله الخميني نشر رسالته الثورية من خلال شرائط التسجيل المسموعة، واستفاد تنظيم القاعدة أقصى استفادة من تكنولوجيا الاتصالات في بث رسائله إلى القنوات الإعلامية، والتواصل عبر غرف الدردشة المتاحة عبر شبكة الإنترنت، واستغلال الاهتمام الإعلامي الذي يثار حول عملياته في اجتذاب أعضاء جدد. ومن الأمثلة الأخرى على هذا الاستعداد للاستفادة من مثل هذه التقنيات رسائل الاستشهاد ومقاطع قطع الرءوس المروعة المتداولة على المواقع الإلكترونية. أما فيما يتعلق بالبرامج، فقد استغلت الأفكار الغربية حتى من قبل من يسعون إلى التحرر من تأثير الغرب؛ ومع أنه قد يقال إن الوحدة الإسلامية تمتد جذورها إلى ما قبل العصر الحديث، فإن حركات التحرير الوطنية - بدءا من الشيشان إلى فلسطين وشينجيانج - منقولة من الغرب. وبالمثل، فإن النظريات المعادية للسامية المؤيدة على نطاق واسع من قبل المسلمين بهدف التصدي لآثار الاستعمار (التي يسأل عنها اليهود على حد زعم هذه النظريات) هي نفسها منتجات غربية إمبريالية؛ إذ لم تظهر مثل هذه النظريات في المجتمعات الإسلامية إلى أن استجلب العرب [المسيحيون] الأفكار من أوروبا إلى الأراضي الإسلامية في القرن التاسع عشر. وفيما يتعلق بالغالبية العظمى من المسلمين الذين يرفضون أيديولوجيات الإسلاميين، فإنهم يستخدمون التقنيات الحديثة ويعتنقون الأفكار الغربية على نحو يتزايد يوما بعد يوم، مما أدى إلى ظهور نتائج مثيرة للاهتمام؛ فقد أوضح البعض (على نحو مقنع) دور الإسلام في نشأة العلم الحديث والطب والتكنولوجيا، بينما حاول آخرون (على نحو أقل إقناعا) بيان أن أفكار الغرب من ديمقراطية وحقوق إنسان ومساواة بين البشر ترجع أصولها إلى الإسلام. ومع أن هذا الأمر قد يشير إلى عملية التغريب المتزايدة للمسلمين، فإنه يوضح أيضا مدى سهولة تكيف التغريب مع الإسلام.
شكل : العالم الإسلامي نحو عام 1700.
ملخص
Bog aan la aqoon