Taariikhda Islaamka: Hordhac Kooban
التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
شغل النزاع المستمر خلفاء صلاح الدين في السلالة الأيوبية التي أوجدها (1174-1250)؛ ولهذا السبب كانوا كثيرا ما يعقدون هدنات استراتيجية مع الصليبيين، ويحيطون أنفسهم بجنود عبيد أتراك تابعين لهم (يسمون المماليك). أطاح هؤلاء المماليك (الذين امتدت فترة حكمهم من عام 1250 حتى عام 1517) بالأيوبيين، وحكموا منطقة كبيرة شملت مصر، وسوريا، وأجزاء من العراق، وشبه الجزيرة العربية، وشمال أفريقيا وشرقها. أنشأ ارتباطهم بنظام جلب الجنود العبيد - الذي كان يستلزم الاستجلاب الدائم لدفعات جديدة من الأتراك - مجتمعا قويا ومستقرا عسكريا قادرا على التصدي للتحديات الخارجية . وبدلا من عقد هدنات مع الفرنجة (مثلما فعل السابقون)، طردوا الصليبيين من فلسطين بحلول عام 1291، بعد أن كانوا قد هزموا المغول في معركة عين جالوت عام 1260، وهي انتصارات وضعت نهاية لذلك التهديد الثنائي الذي كان يواجهه المسلمون في الشرق الأدنى.
على الرغم من ذلك لم ينج المسلمون في أماكن أخرى من غزوات المغول، وحتى وقت حديث نسبيا - ووقتها لا شك - حاز المغول وليس الصليبيين على انتباه المسلمين في جميع أنحاء العالم. ومثلما فعل النبي محمد، حقق «تيموجن» (الذي امتدت فترة حكمه من عام 1206 حتى عام 1227) القوة عن طريق توحيد عدة قبائل بدوية تحت حكمه، وسلطت عليه الأضواء في سن الأربعين تقريبا حينما أعيد تسميته باسم جنكيز خان (الحاكم الأعلى). ومثل محمد أيضا، لم يعش جنكيز خان حتى يشهد اتساع دولته إلى إمبراطورية عالمية؛ فمع وفاته، كان المغول قد غزوا جزءا كبيرا من آسيا الوسطى، لكن كان لا يزال أمامهم ضم أجزاء من الصين، وكوريا، وأوروبا الشرقية، والقوقاز، والعالم الإسلامي، وكلها ستشكل في النهاية الإمبراطورية المغولية. وفي وقت سابق كان المغول قد غزوا أجزاء مهمة من شمال إيران وآسيا الوسطى المسلمة، وهو ما كان له تبعات مدمرة؛ فالروايات المتداولة عن الدمار الذي أحدثه المغول تثير الفزع حتى وإن نقحت بغية تجنب المغالاة. كان غزو المغول لإيران والعراق في الخمسينيات من القرن الثالث عشر من أكثر الغزوات التي ألحقت دمارا بالمسلمين؛ إذ دمر نظام الري الضعيف الذي كانت تقوم عليه الزراعة في العراق، وحدث الشيء نفسه مع المكتبات والمساجد، وشعوب كاملة في مدن وقرى بارزة. لكن الحدث الأبرز في الذاكرة الإسلامية هو نهب بغداد عام 1258 الذي وضع نهاية للخلافة العباسية بعد 500 عام من قيامها. وفي النهاية اعتنق حكام إيران والعراق المغول (الإيلخانيون 1265-1335) الإسلام، وحاولوا كسب ود المسلمين المحليين عن طريق رعاية الفنون، وتعيين مدراء من الفرس، وخفض الضرائب. لكن وقتها - مثلما هو الآن - كان ينظر إلى المغول على أنهم أوغاد لئام لدورهم في القضاء على الخلافة العباسية .
على الجانب الآخر، ظهر المماليك في صورة الأبطال. لقد كان السبب وراء الاستعانة بالعبيد الأتراك في الفترات الأولى من الخلافة العباسية أن وضعهم كعبيد كان يحول دون ادعائهم الحق في تولي الخلافة. وعلى الرغم من أنهم لم يدعوا الحق في الخلافة، ظلت خلفيتهم القائمة على العبودية مشكلة للسلاطين المماليك؛ ولهذا الغرض قدموا أنفسهم على أنهم دعاة جهاد ضد الكفار، وجاءوا بأحد أعمام آخر خليفة عباسي إلى مصر حيث منح وجوده الشرعية للحكم المملوكي. شمل السلاطين أيضا العلماء برعايتهم، وقدموا الدعم لعدد من المؤسسات الدينية ومشروعات البناء. وكتب العلماء الذين عينوهم كتب التاريخ وقالوا خير الكلام عنهم. لكن حتى المماليك - المدافعون عن الإسلام ضد المغول والصليبيين - عجزوا عن مقاومة الطاعون الأسود في الأربعينيات من القرن الرابع عشر، وهو الذي ساعدوا دون قصد في نشره، ولم يتعافوا منه تماما.
على الصعيد السياسي ونحو نهاية هذه الفترة كانت الأراضي الإسلامية المركزية تعاني حالة من الفوضى. لم يقتصر الأمر على ضعف المماليك، لكن الحاكم المغولي التركي تيمور (تيمورلنك 1336-1405) شن حملة مدمرة من بلاد ما وراء النهر في الشمال الشرقي على غرار الغزوات المغولية الأولى. كان تيمور يعتنق الإسلام، لكن ثقافته وهويته كانتا مغوليتين عن وعي (حتى الإسلام الذي كان يمارسه هو وأتباعه كان متأثرا بالعادات المغولية)، ويبدو أنه لم يستهدف سوى الأراضي التي غزاها جنكيز وخلفاؤه. ومع أنه هزم الجيوش الإسلامية في دلهي (عام 1398)، وحلب (عام 1400)، ودمشق (عام 1401)، والأناضول (عام 1402) وأماكن أخرى، فإنه لم يؤسس إمبراطورية دائمة. وفور وفاته عام 1405، قسمت الأراضي التي كان يحكمها بين أربعة أبناء لم يكن لدى أي منهم طموح عسكري مثل والدهم.
تفيد الغزوات التي شنها تيمور في إبراز مواطن القوة والضعف لدى نظم الحكم الإسلامية المختلفة في بداية القرن الخامس عشر. وإنه لأمر كاشف أن نعرف أن ما اكتسبه من غنائم من غزواته في الهند المسلمة تفوق بكثير ما حققه من أي مكان آخر، علاوة على أنه في الهند والمناطق المجاورة حقق الحكم والدين الإسلاميين تقدما مبهرا في هذه الفترة. كانت الهند محل استهداف ممنهج من قبل الحكام المسلمين منذ عهد الغزنويين، لكن لم يتمتع المسلمون بالحكم المستقل فيها إلا بدءا من أواخر القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر؛ أولا تحت حكم الغوريين من أفغانستان (1148-1218) ثم السلالتين التركية والأفغانية اللتين شكلتا سلطنة دلهي (1206-1526). ومثلما حدث كثيرا في التاريخ الإسلامي، انشق أحد الجنود العبيد من إحدى السلالتين عن أسياده وأسس سلالة حاكمة لنفسه. وفي هذه الحالة، كان هذا الجندي هو أيبك - أحد غلمان الغوريين - الذي غزا دلهي عام 1206 وأسس دولة المماليك في الهند. ومع أنه مات بعد خمس سنوات في حادث غريب أثناء اشتراكه في أحد سباقات الضرب بالصوالجة، فقد خلفه أحد غلمانه الذي أسس سلالة حاكمة من الجنود العبيد استمرت حتى عام 1290. وعلى مدار القرنين التاليين تشكلت ثقافة إسلامية هندية في المنطقة، وانتشر الإسلام في شبه القارة وما وراءها فيما يعرف الآن بماليزيا وإندونيسيا.
على الرغم من أن المغول وتيمور نشروا الدمار في جميع أنحاء الأراضي الإسلامية، أدت غزواتهم أيضا إلى انتشار كل شيء بدءا من الأدب الفارسي حتى أوراق اللعب. والنقطة المهمة أن ضعف الخلافة العباسية - والمؤسسات والهياكل السياسية بوجه عام - وسقوطها سارا في تواز (وترابط) مع تأسيس هياكل سياسية واجتماعية بديلة داخل المجتمعات الإسلامية، وأبرزها المؤسسات الصوفية. والصوفية - بوصفها منهجا روحيا للوصول إلى الله - قديمة كقدم الإسلام في بعض النواحي، مع أن مذاهبها الرسمية لم تظهر إلا في القرن التاسع، ولم تكتسب الفروع المحددة للصوفية طابعا مؤسسيا إلا بدءا من القرن الثالث عشر. تلك «المؤسسات» (أو الطرق)، بمقراتها (الخوانق أو الرباطات أو الزوايا حسب المنطقة المقامة فيها)، ورؤسائها (ممن يحملون لقب شيخ أو بير أو غيرها من الألقاب)، وطقوس الانتماء إليها، وشعائرها الغريبة ربما تحيي في أذهان الغرب صور الماسونية في اتخاذها من الروحانية أساسا لها. لكن على عكس الماسونية، فإن للصوفية تأثير اجتماعي وسياسي وديني حقيقي، وينسب الكثير من الفضل إلى شيوخ الصوفية المؤثرين في تعريف أجزاء كبيرة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وجنوب آسيا وجنوبها الشرقي بالإسلام.
نجح الإسلام أولا في كسب معتنقين بين شعوب الشرق الأدنى الذين كانوا على علاقة وطيدة بعقيدة التوحيد السامية؛ فلم يكن الانتقال من اللغة الآرامية إلى العربية ومن «أبراهام» إلى «إبراهيم» كبيرا. كانت علاقة اليهودية والمسيحية بالإسلام علاقة وثيقة للغاية حتى قيل إن اليهودية والمسيحية كانتا في الأصل الدين الإسلامي نفسه، لكنه حرف بمرور الوقت؛ ولهذا السبب أراد الله أن يذكر البشرية بالصراط المستقيم بأن يبعث إليها محمدا وينزل عليها القرآن. ولا يمكن أن يتسع نطاق هذا القول ليشمل الهندوسية، أو البوذية، أو الأديان الوثنية في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، لكن شيوخ الصوفية أثبتوا عكس ذلك. باختصار، أقنعت الدعوات التبشيرية الصوفية الوثنيين والمشركين أنهم مسلمون «بالفعل» في الأساس، لكن آلهتهم وطقوسهم تختلف في مسمياتها في لغة الإسلام. ولكن لكي ينجح هذا المنهج لا بد من نشر نسخة سطحية للغاية من الإسلام، ولا بد من ملاءمة العناصر الخاصة بالأديان السابقة للإسلام التي لا نظير لها في الإسلام مع الدين الجديد للمتحولين (مثلما وجد عيد القديس فالنتين، وعيد القديسين، وأشجار عيد الميلاد طريقها إلى الثقافات المسيحية). حدث هذا بسلاسة بين المتحولين الموحدين؛ فإعادة رواية قصص الإنجيل - المعروفة باسم «الإسرائيليات» - وجدت طريقها إلى كتب التراث الإسلامية دون أن يلحظها أحد في كثير من الأحيان. أما في حالات الوثنيين والمشركين، كانت النتيجة حدوث توفيق ديني اعتبر إهانة بالغة للمسلمين السنة. وقد تعرفنا على حالة سابقة تعكس هذا الأمر متمثلة في رد فعل المرابطين تجاه إسلام البربر، ولمعظم الحركات الإسلامية الحديثة تاريخ من محاولات مماثلة لتطهير المجتمعات الإسلامية من النماذج التوفيقية للعقيدة والعبادة وغيرها من النماذج الزائفة.
في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، كانت الحركات الصوفية فاعلة ومؤثرة بين الأتراك في الأناضول وأذربيجان (وفي معظم المناطق الأخرى). وتدريجيا في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، تفككت العناصر المختلفة للسنة والشيعة والصوفية الابتداعية وغيرها من الأفكار التي كانت قد تضافرت بعضها مع بعض في هذه المنطقة؛ ليظهر العثمانيون السنة والصفويون الشيعة الذين تشكل الشرق الأدنى الحديث من إرث إمبراطورياتهم وخلفائهم.
1500 إلى الآن
متى ينتهي التاريخ الإسلامي؟ على الرغم من أن نهايته لا تظهر بأي حال في بعض أجزاء العالم، ثمة ثلاث وجهات نظر مهمة يمكن من خلالها القول بأن التاريخ الإسلامي قد انتهى في الفترة «من عام 1500 إلى الآن». أولا، وكما سيتضح في الفصلين
Bog aan la aqoon