35

Taariikhda Isbahan

تاريخ اسبهان

Tifaftire

سيد كسروي حسن

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٠ هـ-١٩٩٠م

Goobta Daabacaadda

بيروت

اسْتَقَرَّ فِي الْمُمَلَّكَةِ تَقَدَّمَ إِلَى الرُّومِيِّ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ بَلَدًا مُعْتَدِلَ الْهَوَاءِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَوَسِّطِ فِي حَالِ اللُّدُونَةِ، وَالرُّطُوبَةِ، وَالْيُبُوسَةِ، نَسِيمُهُ خَفِيفٌ رَقِيقٌ مُضِيءٌ يَسْتَرْوِحُ إِلَيْهِ الْقُلُوبَ، وَيَنْفَسِحُ لَهُ الْأَبْصَارُ وَيَخْتَارُ لَهُ مِنَ الْأَحْطَابِ أَطَنَّهَا صَوْتًا، وَأَطْيَبَهَا رَائِحَةً، الَّتِي الْتِهَابُهَا صَافٍ، وَحَرُّهَا مُتَوَسِّطٌ وَدُخَانُهَا مَعَ قِلَّتِهِ عَذِيُّ، وَيَخْتَارُ لَهُ مِنَ الْمِيَاهِ الْفُرَاتِ الزُّلَالَ الصَّافِيَ الْعَذْبَ، الْخَفِيفَ الْوَزْنِ، السَّرِيعَ الِامْتِزَاجِ بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ، الْبَعِيدَ الْيَنْبُوعِ، الْمُنْحَرِفَ مِنَ الْغَرْبِ إِلَى الشَّرْقِ، الشَّدِيدَ الْجِرْيَةِ، الدَّائِمَ الِاقْتِبَالِ لِلْمَطَالِعِ، فَلَا يَشُوبُهُ طَعْمٌ كَرِيهٌ، وَلَا رَائِحَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَلَا غَالِبُ الْبَيَاضِ، وَلَا نَاصِعُ الْخُضْرَةِ، وَلَا أَوْرَقُ الْقَتَمَةِ لِطِيبَةِ التُّرْبَةِ وَأَنْ يَخْتَارَ لَهُ مِنَ الْبُلْدَانِ أَطْيَبَهَا تُرْبَةً، وَأَسْطَعَهَا رَائِحَةً، وَأَصْفَاهَا هَوَاءً، وَأَنْقَاهَا جَوًّا، وَأَزْهَرَهَا كَوَاكِبَ، وَأَوْضَحَهَا ضِيَاءً، الَّتِي لَا عُيُونُ الْكِبْرِيتِ بِقُرْبِهَا، وَإِذَا احْتُفِرَ فِيهَا آبَارٌ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى طَمِّهَا، الْقَرِيبَةَ اللِّينَةَ، الْمُعْتَدِلَةَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ، لَا قَرِيبَةٌ مِنَ الْفَلَكِ وَلَا بَعِيدَةٌ مِنْهُ، لَا مُرْتَفِعَةٌ صُعُودًا، وَلَا مُنْخَفِضَةٌ هُبُوطًا، وَلَا مُتَدَانِيَةٌ، وَلَا مُتَبَايِنَةٌ مِنَ الْبِحَارِ، مُوَازِيَةٌ لِوَسَطِ الْأَرْضِ، وَحَيْثُ يَقِلُّ فِيهَا هُبُوبُ الرِّيَاحِ الْعَوَاصِفِ جَازَهَا نَهْرٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ الرُّومِيُّ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَجَدْتُ أَكْثَرَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَفُوتُهَا الْقَلِيلُ مِنْهَا فِي إِيرَانَ شَهْرَ وَهُوَ أَصْبَهَانُ وَلَمَّا مَاتَ بِلَاشُ أَخُو قَبَّاذَ وَكَانَ لِلْعُلُومِ مُحِبًّا، وَإِلَى الْآدَابِ مُشْتَاقًا، نَظَرَ قَبَّاذٌ فِي كُتُبِهِ فَاسْتَحْسَنَ تَذْكِرَةَ الرُّومِيِّ الْمُسْتَوْطِنِ أَصْبَهَانَ فَفَرَّقَ الْمُهَنْدِسِينَ فِي بُلْدَانِ مَمْلَكَتِهِ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي نَفْضِ الْبِقَاعِ، وَوَزْنِ الْمِيَاهِ، وَسَوْفِ التُّرَابِ، وَالْفَحْصِ عَنْ أَخْلَاقِ سُكَّانِ الْبُلْدَانِ، وَأَعْرَاقِهِمْ، فَانْتَدَبُوا لِمَا أَمَرَهُمْ وَكَتَبُوا إِلَيْهِ وَأَعْلَمُوهُ، وَجَدْنَا أَخْصَبَ بِقَاعِ مَمْلَكَةِ الْكَرِيمِ السَّعِيدِ الرَّءُوفِ عَشَرَةَ مَوَاضِعَ: أَرْمِينِيَةُ وَأَذَرْبِيجَانُ، وَدسنين، وَمَاهْ دِينَارَ

1 / 57