115

Taariikhda Irbil

تاريخ اربل

Tifaftire

سامي بن سيد خماس الصقار

Daabacaha

وزارة الثقافة والإعلام،دار الرشيد للنشر

Goobta Daabacaadda

العراق

النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، ومَنْ مَاتَ عَلَى هَذَهِ الْمَقَالَةِ مآله نار الجحيم. لا جرم إنّ واضح هَذَهِ الْعَقِيدَةِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَلَا تُغْفَرُ حَوْبَتُهُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ رَجَعَ عَنِ اعْتِقَادِهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ مَاتَ عَنْ ضَلَالَتِهِ؟ وَتِلْكَ تَبِعَتُهُ وَبِدْعَتُهُ. فَهُوَ أَعْظَمُ جَرِيمَةً وَأَسْوَأُ حَالًا مِنَ الزَّانِي/ وَالْقَاتِلِ وَالْكَافِرِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَعْصِيَتُهُ تَخْتَصُ بِهِ، لَا جَرَمَ إِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ- تَعَالَى- عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَعْصِيَةُ هَذَا الضَّالِّ الْمُضِلِّ، فَهِيَ مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ مَاتَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ، وَهُوَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ الَّذِي قَالَ فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- ﵁: «قَصَمَ ظَهْرِي رَجُلَانِ، عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ وَجَاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ، هَذَا يُنَفِّرُ النَّاسَ بِتَهَتُّكِهِ، وَهَذَا يُضِلُّ النَّاسَ بِتَنَسُّكِهِ»، وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ- تَعَالَى- (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أثقالهم) (ز)، وتَحْتَ قَوْلِهِ- صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ- (مَنْ سنّ سنّة حسنة كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة) (ز) . وَقَدْ أَمَرَتِ الصَّحَابَةُ- ﵃ أَجْمَعِينَ- بِتَجْرِيدِ الْقُرْآنِ عَنِ النَّقْطِ وَالشَّكْلِ وَأَسْمَاءِ السُّوَرِ والتعاشير ورؤوس الْآيَاتِ حَذَارًا مِنْ هَذَهِ الْفِتْنَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَجَّاجَ (٧) لَمَّا رَأَى إِطْبَاقَ الْخَلْقِ عَلَى أَنَّ مَا عَرِيَ الْمَكْتُوبَ فِي الْمُصْحَفِ بَيْن الدَّفْتَيْنِ، لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ، أَمَرَ بِالنَّقْطِ وَالشَّكْلِ وَأَوَائَلِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالتَّعَاشِيرِ بِأَنْ يُثْبِتَ فِي الْمُصْحَفِ، لَا مِنْهُ عَنِ اعْتِقَادٍ أَنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَمَرَ بِحُصْرِ الْمَسَاجِدِ وَزِينَتِهَا.
فَأَيُّ جَهَالَةٍ أَعْظَمُ مِنِ اعْتِقَادِ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ الْحَجَّاجُ وَأَمَرَ بِهِ يَصِيرُ كَلَامَ اللَّهِ- تَعَالَى- وَيَتَّصِفُ بِصِفَةِ الْقَدِيمِ؟ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَقْلٍ وَدِينٍ يَقُودُ إِلَى هُوَى هَذَهِ الْجَهَالَةِ، وَيَسُوقُ إِلَى هَذَهِ الضَّلَالَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَمُعْتَقِدُ هَذَهِ الْمَقَالَةِ، إِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَعْنَى كَلَامَ اللَّهِ وَمَعْنَى الْقَدِيمِ، وَأَصَرَّ بعد ذلك على (س) هَذَهِ الْعَقِيدَةِ، فَهُوَ مُرْتَدٌّ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ، مَفْسُوخُ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ، لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَحِلُّ لمتولّ ولا سلطان وَلَا ذِي قُدْرَةٍ وَشَوْكَةٍ، تَقْرِيرَهُمْ عَلَى هَذَهِ الْعَقِيدَةِ، وَهُوَ آثِمٌ عَاصٍ- إِنْ قَدِرَ/ عَلَى كَفِّهِمْ عَنْهَا وَمُعَاقَبَتِهِمْ عَلَيْهَا- وَقَصَّرَ وَأَهْمَلَ أَمْرَهُمْ، وَاللَّهُ- تَعَالَى- سَائِلُهُ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْهِ السعي في

1 / 120