181

Taariikhda Dhaqdhaqaaqa Waddaniga ah ee Masar Hore: Laga soo bilaabo Waaberiga Taariikhda ilaa Qabsashada Carabta

تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من فجر التاريخ إلى الفتح العربي

Noocyada

وفي ذلك يقول «هارولد بل»: «وقصة مصر الرومانية على أي حال سجل أليم للاستغلال المنطوي على قصر النظر، والذي كان مصيره المحتوم أن يؤدي بالبلاد إلى خراب اقتصادي واجتماعي، وقد أشرت من قبل إلى ما تنطوي عليه النظرية الباطلة التي تقضي باعتبار معاملة أمة من الأمم على أساس أنها مجرد ضيعة تستغل لصالح حكامها وسادتها»، إلى أن قال: «وكان جزء كبير من القمح الذي يقدمه الفلاحون الملكيون على سبيل الإيجار أو يدفعه ملاك الأراضي كضريبة، وكذلك الضرائب النقدية العديدة، كل هذا يشحن إلى روما لينتفع به الشعب الروماني مع ما في هذا من خسارة جسيمة فادحة بالنسبة لمصر.»

3

إلى أن قال: «وتمسك الرومان بأهداب الفكرة الأساسية، وهي أن مصر بقرة حلوب تدر لبنها لصالح روما وما يعود عليها بالخير، ولا ريب أن تلك البقرة كانت غنية بلبنها، ولكن روما حرصت على الإفراط في استنزاف ذلك اللبن إلى آخر قطرة بانتظام»، ثم قال: «وحتى قبل القرن الأول الميلادي بدت البوادر المنذرة بالسوء، فالفيلسوف اليهودي فيلون

عندما كان يؤلف كتبه في عهد كاليجولا

Caligula

وكلوديوس

Claudius

قدم صورة فظيعة للأحوال السائدة في عصره، فتحدث عن جباة الضرائب الذين لم يكونوا يتورعون عن الاستيلاء على مومياء العاجز عن سداد الضرائب المستحقة عليه؛ كي يكرهوا ذوي قرباه على دفع المتأخرات، كما أشار إلى الزوجات والأطفال وغيرهم من الأقرباء الذين زج بهم في غياهب السجون ولاقوا أصناف التعذيب؛ كي يعترفوا بمكان الهارب المطلوب. كما تحدث عن قرى برمتها بل ومدن هجرها سكانها، وفي تاريخ مبكر يرجع إلى عام 20 بعد الميلاد، بدأنا نسمع عن التجاء دافعي الضرائب إلى الفرار والاعتصام بأحد المعابد، وفي بردية كتبت في تاريخ يتراوح بين عام 55 و60م أبلغ الجباة الموكلون بتحصيل ضريبة الخراج الرأسي من ست قرى بالإقليم الأرسينويني (الفيوم)، في تقرير ضمنوه أن «السكان في القرى سالفة الذكر، بعد أن كانوا كثيرين تضاءل عددهم إذ ذاك، وانكمشوا حتى أصبحوا قلة من بضعة أفراد؛ لأن البعض آثر الفرار بعد أن ضاقت سبل الرزق في وجوههم، والبعض الآخر أدركهم الموت دون أن يتركوا ذرية من بعدهم».» إلى أن قال: «ويبدو أن الإجراءات التي أخذها تيبريوس بوليوس الإسكندر قد أثمرت وآتت أكلها؛ لأنه ليس من قبيل الصدف في أغلب الظن أن ما بقي من سجلات يرجع تاريخها إلى النصف الثاني من القرن الأول اشتملت على بيانات أقل من سالفاتها عن وجود اضطراب خطير، ولكن بدعة في النظام الإداري كان قد سبق إدخالها في مصر وقدر لها أن تكون ذات أثر وخيم. فالبيروقراطية البطلمية كانت بصفة خاصة محترفة، تعتمد على التطوع في الحصول على الموظفين والأيدي العاملة فيها، وجباية الضرائب تجري عليها عن طريق طرحها في مزاد يشترك فيه الملتزمون الذين كانوا يتقدمون بعطاءاتهم بمحض حريتهم، والمستأجرون الملكيون على الرغم مما كان يفرض على حريتهم في التنقل من قيود، كانوا يتقدمون بطلباتهم بمحض الاختيار لإبرام عقود الإيجار لهم، وفي أوقات الأزمات والملمات، كانت الحكومة تعمد إلى إدراج أسماء الأشخاص الذي تتوسم فيهم الأهلية والصلاحية ضمن موظفيها، حتى ولو كان هذا ضد إرادتهم، كما كانت الحكومة تعمد إلى إكراه الملتزمين في جباية الضرائب على الاضطلاع بعقودهم، وإلى إكراه الفلاحين على قبول عقود الإيجار.»

ثم قال: «وبتطبيق هذا النظام بشدة لا هوادة فيها أدى الأمر إلى القضاء أولا على الفلاحين الموسرين، ثم على الطبقة الوسطى ذات الغنى واليسار، على أن الإكراه والإجبار لم يقتصروا على هذا النطاق، فإن الشروط المعروضة على الفلاحين المستأجرين لأراضي الدومين لم تكن سخية، كما أن الترضيات والإعفاءات التي كانت تبذل في أوقات الضنك الاقتصادي والضيق المستحكم كانت مرموقة بالبغض والحقد، إلى حد أنه أصبح من المستحيل في بعض الأحيان العثور على من يتقدم للمزايدة في العطاءات طوعا واختيارا، وفي مثل هذه الأحوال كانت الدولة تلجأ إلى الإكراه والإجبار بإحدى وسيلتين: إما بضم ما يؤجر من الأرض في نطاق قرية ما إلى قرية أخرى؛ حيث يقع عبء زراعتها على كاهل القرويين بتوزيعها عليهم عن طريق القرعة، وإما باللجوء إلى وسيلة يطلق عليها «العبء الإضافي»، وبمقتضاها كانت أنصبة من أرض الدومين تقتطع وتلحق بأرض الملكية الخاصة؛ حيث يضطر ملاكها أن يزرعوها مع أملاكهم الخاصة، وبهذه الطريقة كاد أن يئول الأمر في النهاية بأرض الدومين إلى أن يعتريها الزوال في العصر البيزنطي، بأن تبتلعها الأرض الخاصة التي أصبحت مرتبطة بها، وفي حالة تطبيق الطريقة الأولى المنطوية على التوزيع كانت الجماعة كلها مسئولة عن زراعة الأرض، وبالتالي عن دفع الضرائب (وهذا هو بيت القصيد)، أما في حالة تطبيق الطريقة الثانية فكل فرد مسئول عما التزم به، ولكن ظهرت المسئولية الجماعية باطراد - على حد قول فيلون - بمضي الزمن واتخذت طابعا عاما، فإذا توارى واحد من دافعي الضريبة المستحقة عليه تجبى من زملائه من أعضاء الجماعة، وإذا عجز مستأجر عن دفع ما عليه أو هرب مالك للأرض فإن واجب فلاحة هذه الأرض كان يقع على الآخرين، وفضلا عن ذلك فإن أولئك الذين كان من واجبهم ترشيح شاغلي الوظائف - سواء أكانت مما يدخل في نطاق الوظائف التي يؤجر عليها شاغلوها أم الوظائف الشرفية - اعتبروا ضامنين، بل إنهم كانوا أنفسهم مسئولين عما قد ينشأ من عجز بسبب المرشحين من قبلهم، ولا بد أن الفرد أخذ يشعر شيئا فشيئا على توالي السنين بوقوعه داخل شبكة ضاقت منافذها وأحكمت حلقاتها حتى لم تعد تسمح لأحد بالفرار منها.»

4

Bog aan la aqoon