Taariikhda Fanka iyo Sawirrada ugu Caansan
تاريخ الفنون وأشهر الصور
Noocyada
وقد كان جوتو مع عبقريته في الرسم معماريا عظيما بنى البرج المعروف الآن باسمه في فلورنسا، ولما عاد إلى هذه المدينة التي هي مدينته الأصلية لقي الترحيب والإكرام من أهلها سنة 1334 وتعين هناك مديرا للأعمال في الكاتدرائية الكبرى، وبقي هناك يعمل في الرسم والعمارة إلى أن مات سنة 1337.
ومن الفلورنسيين الذين انتفعوا بالطريقة الجديدة التي وضعها جوتو نجد «أوركنيا» صاحب صورة «تتويج العذراء» وهو مع لزومه السذاجة الطبيعية لم يبلغ مبلغ جوتو في تصوير نشاط الطبيعة.
وهذه النزعة نحو الطبيعة التي أوجدها جوتو في المدرسة الفلورنسية تفرعت فرعين: أحدهما نفسي، والآخر جسمي، فرجال الفرع الأول اتجهوا نحو اتقان التصوير للعاطفة القوية العميقة مع الحركة والعمل، بينما رجال الفرع الثاني اتجهوا نحو تقرير الواقع مع التدقيق في رسم الأعضاء بحيث ينطبق الرسم على الحقيقة، واستطاع هؤلاء أن يتغلبوا على صعوبات الصنعة كتحقيق الأبعاد الخطية والهوائية ودرس التشريح للأجسام العارية في الكون والحركة وسائر التفاصيل الخاصة بالأحياء والجمادات لونا وشكلا، وبذلك أمكن الخروج من العرف والقواعد البيزنطية.
ويلي أوركنيا في النهضة الفلورنسية رجل راهب له شهرة لا تقل عن شهرة جوتو، وإن كانت عبقريته الفنية دونه وهذا الراهب هو «الأخ انجليكو» الذي ولد سنة 1387 ومات سنة 1455، وكان من رجال الفرع النفسي في التصوير، ولكنه كان مع ذلك يجيد رسم الجبال والأزهار والأشجار، حتى ليظن الإنسان أن هذا هو موضوعه الأصلي الذي خص فنه فيه، ولكن الحقيقة أن انجليكو لم يرسم هذه الأشياء إلا لأنها وسطه الذي عاش فيه معظم حياته إذ قضى في قرية كارتونا وقرية فيوسول خمسين سنة، فلم يختلط بالمدن الكبرى مثل فلورنسا أو روما إلا بعد ذلك، ولكن هواه وبراعته يتجهان نحو تصوير الحالات النفسية، فقد كتب عنه فارساي يقول: «إن ملائكته التي يرسمها تبدو كأنها كائنات من الفردوس»، وذلك للخيال الذهني الذي قاده إلى تصويرها، وهذا الخيال كان يخالف الطبيعة.
وقال عنه موتهور: «إن رسومه التي يصور فيها الاستشهاد توهمك بأنه يرسم صبيانا أو شبانا قد اتخذوا هيئة الشهداء والجلادين، أما رجاله الملتحون فيبكون بكاء النساء، ولذلك فهو لا يقنعك بأنه يصور لك الحقيقة، ولكنه عندما يلزم موضوعه الخاص به، وعندما ينقل إليك رقة الشعور أو الفرح العظيم الصامت للقلب أو الحزن الرقيق أو الطرب الديني، فإن لصوره تأثير الصلاة الصامتة للطفل».
وصورته «البشارة» التي تمثل الملك وهو يبشر العذراء بالمولود تدل على صدق ما قاله موتهور، فهم الرسام هنا أن ينقل إليك صورة التقوى والدين أكثر مما يريد أن يدقق في رسم الأشخاص.
ومن رجال ذلك العصر أيضا «الأخ لبي» ولا بد أن القارئ يقف هنا متأملا هؤلاء الرهبان الذين انسلخوا من الرهبانية إلى الفنون، ولكنه إذا عرف أننا نتكلم عن عصر النهضة التي ليست شيئا آخر سوى الخروج من التقاليد الدينية إلى الدرس البكر في مسائل الحياة والطبيعة، وإذا عرف أن الثقافة والفنون كانت مدة القرون الوسطى خاضعة للرهبان مصبوغة بالدين حين كانت الأديار مثوى الآداب، لم يتعجب بعد ذلك من أن تكون بداية النهضة في الفنون على أيدي بعض الرهبان، ولكن هؤلاء الرهبان كانوا خارجين على تقاليد الكنيسة وإن لم يشعروا بذلك، لأن روح الزمن كانت قد انضجت العقول، وهيأتها للثورة والخروج.
و«لبي» هذا يمتاز عن «انجليكو» بأن العذارى عنده أشبه ببنات فلورنسا منهن ببنات السماء، فهو يفهم الجمال النسائي كما هو في طبيعته، ويجيد رسم الأزهار كما تدل على ذلك صورته «البشارة».
ويمثل «لبي» الروح العلمية في الرسم، فقد درس الأبعاد درسا دقيقا ورسم معركة حربية لأول مرة في تاريخ النهضة، ولم يحاول أحد بعده رسم معركة حربية إلا بعد مضي قرن كامل على وفاته، ورسم هذه المعركة يدل على ميل رجال الفن في ذلك الوقت إلى الانفصال من الدين، وقد ولد «لبي» سنة 1406 ومات سنة 1469.
وفي سنة 1447 ولد «بوتيتشلي» الذي مات سنة 1535 وفي عصره تم الانفصال بين الدين والفن، فقد كانت الكنيسة راعية الفنون مدة القرون الوسطى وفي بداية النهضة، فكان الرسامون والمعماريون يعملون لها، ولكن القرن الخامس عشر كان يتسم بالتجديد، وظهر فيه رعاة آخرون للفنون غير الكنيسة.
Bog aan la aqoon