52

Taariikhda Fayyum

تاريخ الفيوم

Noocyada

أبهى ثنا زاهي وازكى سلام

وكتبت إلى الأستاذ البليغ إمام الإنشاء وحامل لواء البديع في حلبة الأدباء، حضرة الشيخ أحمد مفتاح مدرس الإنشاء بمدرسة دار العلوم، فقلت معاتبا على انقطاع رسائله:

والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، إنني لفي شوق لمشاهدة بدر طلعتك، ونور بهجتك، فكلما تخيلته بهرني لامعه، وأدهشني عن النظر إليه ساطعه، وعهدي بك في التحرير، أن لا تحتاج إلى تذكير؛ لأنه مني بمنزلة الشفاء من العليل، والإرواء من ذي الغليل، وأن تمدني منه بمداد؛ لأنه من فؤادي بمكان السويداء، ومن عيني بمكان السواد، وأن لا تضن بكثيره، فضلا عن يسيره. فلم تغيرت أيها الجليل، على علمك أن إبراهيم خليل؟ فإن كان لتقصير فما قولك في من أناب؟ أو لذنب فكيف تكون مقابلتك لمن تاب؟ وإن كان عفوا، فأستمنحك عفوا على قبول هذا العتاب، ومقارنته بالجواب، وإلا فلا تبرأ علة السقيم. ولا تبرد نار إبراهيم.

رمزي

فأرسل لي رقعة يعتذر بها عما حصل، وقد تلطف حيث قال:

ما كنت إخال أن التسويف يثني يدي عن تسطير كتاب أبدأك به قضاء لحق الصحبة التي ما زالت ترف زهرة شبابها، وتشرق أسرة وجهها، إشراق ضميري بودادك، واعتقادي بولائك، حتى بدهتني بالكتابة عائدا بكمالك على نقصي، وحلمك على طيشي، وعفوك على جرمي، وكرمك على بخلي، فلم أك ممن لباك سريعا، أو أجابك مطيعا، بتسيير كتاب يطوي إليك عرض البلاد، جاعلا قصارى همه أن تمسه يدك، ويقرأه ناظرك، ويتخيله جنانك، ويضمه قمطرك،

1

وتحفظه خزانتك، ولا والله ما كان ذلك عن شغل بغيرك، أو وهن في المحبة، أو انفصام في عرى العهد القديم، الذي بايعتك عليه يوم أن ضمتنا مدينة الفيوم في العام الماضي، من تبادل رسائل الشوق ما دام للبعاد منا نصيب، ولكنها الأيام تحول بين المرء ومطلبه، فلا تدع الغرض خاليا من المرض، ولا الهوى من النوى، ولا الوصال من المطال، ولا الحبيب من الرقيب، فرحم الله امرءا أقال عثرة أخيه، وصفح عن ذنبه، والسلام.

وكتب إلى حضرة الأستاذ الكامل الشيخ محمد النجار معاتبا، وقد أجاد حيث قال:

لبيك أيها الخاطر، ولك العذر، فقد أضناك الجفا، وأحرقك الولوع، وأغرقتك المدامع، وإن للمحبة لسرائر يكتمها الجهر، ويكتبها هذا الأخرس الناطق، الذي تدعوه إلى مراسلة من هو أصل هذا الشجن، وباعث ذاك الأسى، وسبب هذه الشكوى، وداعي تلك الهواجس، فتضم على لظى الوجد سعيرا، وتزيد فوق أسطر الدمع سطورا، وماذا يضرك لو عاملته بالنظير وإنه بديع أفاضل الكتاب من أمثاله، وطريق أوائل الأشراف من أصحابه وآله. فإن أبيت إلا ما رأيت، فهذا كتابي إليه وسلامي عليه، ينشره الشمال ويطويه الشمول، وهذه عبارات الثناء التي أقدمها له مني بيد تخيل تلك الصفات، وتصور محاسن هذه الذات. فافهم رمزي أيها الرسول، الذي أبعثك لحملها، وأدعوك لتبلغها، وعد إلي بالإفادة، وقد صدقت الظن في كل ما أرجوه من دوام صحته وكمال عافيته، والسلام.

Bog aan la aqoon