في يوم الثلاثاء 7 رمضان سنة 1305 قتل المرحوم مصطفى بك واصف مدير هرر سابقا بمنزل خليل الدهشان عمدة أهريت بناحية أهريت، وادعى خليل المذكور أنه قتل من طلق ناري أتى من خارج المنزل، فاشتبهت الحكومة في هذه الدعوى، وعينت الداخلية «قومسيونا» لجنة لتحقيق وضبط الواقعة، وكان مركبا من حضرة أحمد بك حشمت رئيس محكمة المنصورة حينذاك بصفة رئيس، وحضرة محمود بك صبري نائب مفتش عموم البوليس، وأحمد خيري بك قاضي بمحكمة مصر الأهلية حينذاك، بصفة أعضاء، فحققوا الدعوى، ورفعوا إلى الداخلية تقريرا مؤداه حصر الشبهة في خليل وخير الله الدهشان.
فصدر أمر عال في 20 سبتمبر سنة 1888 / 14 محرم سنة 1306، بتشكيل محكمة مخصوصة بمدينة الفيوم مؤلفة من عبد الحميد باشا صادق بصفة رئيس، ومن أحمد بليغ بك وإبراهيم نجيب بك وسليمان رءوف بك بصفة أعضاء، للحكم في هذه المادة.
وقد تشكلت بالفعل، وبعد سماع المرافعة من النيابة العمومية ومن وكلاء المتهمين، وسماع شهادة الشهود، حكمت نهائيا على كل من خليل وخير الله الدهشان بالإعدام شنقا، وشنقا بالفعل وقضي الأمر.
وقد لغط الناس كثيرا بأن هذا الحكم غير عادل قولا بأن القاتل لا بد أن يكون واحدا من الاثنين، فكيف يقتل الاثنان؟ ونسب الناس الحكومة إلى غير العدل؛ نظرا لكون الأمر العالي الصادر بهذا الخصوص قد حتم أن يكون الحكم نهائيا لا استئناف له، وربما كان رأي الحكومة في ذلك إرهاب العمد من الطغيان، وعملا بقولهم: «إعدام البعض في حياة الكل جائز»، ومع هذا فقد قال الله تعالى:
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب .
تشريف ولاة مصر للفيوم
لقد شرف مديرية الفيوم من ولاة مصر المرحوم محمد علي باشا مرتين، والمغفور له سعيد باشا مرتين: مرة وهو ولي عهد الحكومة المصرية، ومرة وهو والي مصر، فخرج من مصر في المرة الأخيرة مع معسكره إلى أن وصل أرض سيلة من مديرية الفيوم، وعسكر هناك، فخف لمقابلته الحكام، ثم رجع من تلك النقطة. وزار الفيوم المغفور له محمد توفيق باشا ثلاث مرار، وأقيمت له من الزينات الفاخرة ما يبهر الأبصار، وقد أنعم في المرة الأولى على كثير من ذوات الفيوم بالنياشين. وزارها سمو العزيز عباس باشا حلمي الثاني - أيد الله حكمه - في 26 يناير سنة 1894 ميلادية، فهرع الناس من ذوات وأعيان وحكام لاستقبال سموه، وأقيمت له الزينات الفاخرة فلا زالت سحائب أفضاله تتوالى على القطر عموما والفيوم خصوصا ما تعاقب الجديدان وأشرق النيران.
القسم الثالث
نذكر هنا تراجم أشهر العلماء الذين وجدنا سيرتهم كما وعدنا في خطبة تاريخنا، ثم نذكر من الأولياء ترجمة الصوفي، وجملة صغيرة عن الروبي، ونبقي ذكر بقية الأولياء إلى القسم الرابع، حيث نذكر أشهر الأضرحة؛ وذلك لأننا لم نقف على تراجمهم، ثم نذكر بعض النثر والنظم مما يختص بالفيوم.
العالم ابن سعيد الفيومي
Bog aan la aqoon