Taariikhda Dowladda Al Saljuq
تاريخ دولة آل سلجوق
Noocyada
فانهض إليهم بجنودك، ورد نحوسهم بسعودك". فلم ير أحد من أولئك الأمراء إثارة أحد لذلك الأمر، وما شاروا بالشر. وقالوا لسنجر: "إن هذا قماجا قد شاخ، وباخ وخشى وخاب، وأخطأ الصواب. فإن أنجدته خذلت، وإن هويت هواه لذعت وعذلت". فأنف قماج، وشنف وعنف، ولم يزل بسنجر حتى صغا1صغوه، ونحا نحوه. وأمر أمراءه بالتأهب، وأضرى ضرمه بالتلهب. وسار في جمع كالخضم زاخر، وسواد كليل المحب بلا آخر. فلما عرف الغز أنهم غزوا وإلى الشر عزوا، وصلوا وتوصلوا، وقالوا نخدم السلطان بخمسين ألف رأس، من جمال وأفراس، وبمائتي ألف دينار ركنية، وبمائتي ألف رأس غنم تركية. ونحضر قتلة ولد قماج، ونلتزم كل سنة بخرج وخراج. وخشعوا ولانوا، وخضعوا واستكانوا. فأغلق سنجر باب القبول في وجوه هؤلاء الوجوه، وأبى أن يعاملهم بغير المكروه. فتوهلوا وتوجلوا، وتعزلوا واستقتلوا. ولجأوا إلى أرض لا يسلك إليها إلا في واد لا يسع عرضه أكثر من مائة فارس، وأعدوا في الطرقات الطوقان، على رسم قتال التركمان. ونشروا المصاحف يطلبون أمان أهل الإيمان. ثم اشتدوا، وأعدوا واستعدوا. وجعلوا الخركاهات كالأسوار محدقة، ونيران النصال من ورائها للحدق محرقة. وصبروا حتى لابسهم العسكر، وفي قلبه سنجر. وامتلأ الوادي بسيل الخيل، واجتاب النهار لباس الليل. وكانت في المقدمة أمراء خاروا وخاموا، وهموا بما وهموا وهاموا. واغتنم الغز إضعافهم، وركبوا أكتافهم، يقتلون ويأسرون، ويصدمون ويكسرون . وعز المخلص من المضيق، وفرشت جثث القتلى على الطريق. وقتلوا الأمير قماجا وولده، وأتوا على العسكر وأفنوا عدده وعدده. وخلصوا إلى السلطان سنجر وهو في خف من خواصه، وجواده قد بخل بخلاصه. فأحدقوا به إحداق الأهداب بالحدقة، وحصل في وسط تلك الحلقة المحدقة.
وبقي كالمركز في الدائرة، ووقع في الأيدي الجائرة. ونزل أميرهم وقبل الأرض وأمسك بعناده عنانه، وأطلق بدعائه لسانه. وقال: "إن قومك فتحوا بالأذية، ولم يحسنوا رعاية الرعية. ونحن خولك حولك، نقول بقبولك ونسمع قولك". وأفردوه عن أصحابه، وعوضوه عن عز جماحه بذل أصحابه. ومكث معهم ثلاث سنين كالأسير، وقد أرضوه من طعامه وشرابه باليسير. لكنهم يجلسونه على السرير، ويقفون ماثلين بخدمته سوى قرغود وطوطي بك الأمير. وانتشروا في البلاد انتشار الجراد، ودب دبابهم بالفساد. وأذهبوا الأموال والنفوس، وأعدموا النعم وأوجدوا البؤس. وخربوا مدينة نيسابور وقتلوا أهلها تحت العذاب، وسفكوا دماء العلماء والأئمة في المحراب.
وكانوا يستصحبون سنجر معهم، وهو لا يقدر أن يردعهم. وربما خشن عليهم في القول، ونهاهم ونهرهم، وسبهم وسبعهم، وهم لا يجيبونه إذا نجههم بالمكروه وأسمعهم.
Bogga 369