166

Taariikhda Dowladda Al Saljuq

تاريخ دولة آل سلجوق

Noocyada

فقال لهم بدر بن المظفر بن حماد صاحب الغراف، وكان قد جاهر الخليفة بالخلاف: أنا أكفيكم بسفن مقاتلة، وأغنيكم بمراكب حاملة، وجوار منشآت، وزوارق وشفارات 2من بلد واسط والبطائح، من الداني والنازح. فحمدوه وشكروه، ومضى وأقاموا ينتظرونه حتى وصل بالسفن الخفاف والثقال، والملاحين والرجال، فامتنع عليهم عبورها في البلد إليهم، ورتب الخليفة الرجال في المراكب للقائها، وإحراقها بالنار وإردائها. ولما شق عليهم ذلك ردوها إلى نهر عيسى، بعد أن مدوها إلى الفرات. وأخرجوها فوق بغداد في الصراة. وتكاملت مدة شهرين في ذلك، ثم بدأوا بعقد جسر على دجلة فوق دار السلطان من تلك الزواريق، واتسعت طريقهم في العبور بالتغريب والتشريق. وضايقوا في الحصر من الجانبين، وشددوا في منع الميرة وقطع الأقوات بجدع الأنوف وقطع اليدين. ووصل إليهم من الحلة أمراء بني أسد ورجالها، وفتاكها وأبطالها. وقالوا هذه بغداد من جانب دجلة ما عليها سور، وتوانيكم في هجمها قصور وفتور. فسلموا إلينا المراكب لنهجمها، وما أسهل علينا أن نقتحهما.

وأذن لهم السلطان في الزحف، فركبوا المركب مستلئمين معلمين، وعبروا إلى المدينة، على الموت مقدمين. ولما وصلوا إلى قرب السور، خرجوا من السفن شاكين، فخرج إليهم من الباب من مماليك الخليفة من طاردهم وجالدهم، وهم مع ذلك يبعدون من الشاطئ، ويوسعون إلى الموت خطوة المصيب غير الخاطئ. ثم كثر عليهم رجال بغداد كثرة حصلوا منها تحت العسر، وفي قبض الأسر. وتظافروا إلى السفن فغرق أكثرها، وانخسف بهم موقرها. وقبض الأمير حسن المضطرب وأخوه ماضي، وعدة وافرة من معروفي بني أسد، وعدم كثير ممن غرق أو قتل أو فقد. وأمر الخليفة تلك الليلة بصلب حسن وأخيه على دقل زورق، وأصبح الباقون على السور ما بين مصلوب مشنق، ومقتول معلق، ففتح الله لخليفته من المهابة لأوليائه والمهانة لأعدائه كل باب مغلق. وسقط في أيديهم بعد ما بسط من تعديهم.

ولما طال الحصار، وتمادى الانتصار، خاف الخليفة الغلاء، ففتح الأهراء، واقتصر للأجناد في الأعطيات على تفريق التمور فيهم والغلات. وأخذوها، واحتاجوا إلى أثمانها في النفقات، فرموها في الأسواق وباعوها بالدينار. فخمد بذلك استعار نار الأسعار، وما زاد سعر في الأقوات ولا غلا مطعوم في وقت من الأوقات.

وفي صفر سنة 552 ه، وصلت قافلة الحج، فوجدوا دار الخليفة محصورة، والهمم من الخارجين على خلاف تعظيمها مقصورة، ونزلوا في المعسكر السلطاني، ثم تفرقوا إلى بلادهم، ورحلوا طالبي أغوارهم وأنجادهم، ومن كان من بغداد تحيل في الدخول إلى منزله، والوصول إلى منهله. وببغداد حينئذ خلق من التجار، يريدون بل يؤثرون مرافقة الحاج، ويقولون متى أخذوا البلد نهبوا بضائعنا، واستخرجوا ودائعنا.

فحضروا التاج، وأكثروا الضجاج. وحاولوا من ضيقهم الإفراج. فقال لهم الوزير: "

أمير المؤمنين يقول لكم: أنتم في حرم إحساني، وفي ضمان أماني. ولكم بي أسوة، وهذه النوبة، ما لها نبوة. وأموالكم في البلد مصونة، وبأسباب الرعاية منا مضمونة.

Bogga 348