132

Taariikhda Dowladda Al Saljuq

تاريخ دولة آل سلجوق

Noocyada

فلما شعر السلطان بتأخيره، استشعر حذره وورى عن الهزيمة برحلة الشتاء إلى بغداد، وحث السير بالإغذاذ. ومعه من الأكابر عبد الرحمن بن طغايرك، وخاصبك ابن بلنكري. ووصل بوزابه وعباس إلى همذان على ظن أنهما يجتمعان بالسلطان، وهما مبديان للطاعة مخفيان للعصيان. فأقاما بها شاتيين، واتصل بها الأمير ناصر الدين خطلبة البازداري، وكان ليثا خادرا، وقسورا قاسرا. وكتبوا إلى الأمير جاولي الجاندار بأذربيجان وقالوا له: "أنت الكبير، لك التدبير. ونحن أتباعك وأشياعك، فإن قدمت إلينا، قدمت علينا. وكنت صاحب جيوش من ينتصب على سرير الملك، وانخرطنا معك طائعين في السلك".

فرد جوابهم بجميل، وأعاد رسولهم بتأميل. واشتغل بحشد الجموع وجمع الحشود، وحشر الجنود ونشر البنود. واتصل به أتابك آياز، وكان أتابك داود في حياته وهو مشكور الغناء في مقاماته، وعضده الأمير شيرين آق سنقر فأظهر حينئذ النهدة إلى همذان، والنهضة إلى الناهضين المتسلطين على السلطان، فوجد الطريق مسدودة بالثلوج، فأقام بعسكره مجمعا، وللنهوض عند انحساء الثلوج مزمعا.

وتطايرت كتبه إلى بغداد لاستدعاء السلطان إليه، واستقدامه عليه. والسلطان في بغداد ساه بسهوه، لاه بلهوه، زاه بزهوه. فلما تنبه من وسنه، ندم على خلع رسنه، ورجع من الحزم إلى سننه. ولبى نداء جاولي وأجاب دعوته، وعزم على الرحيل إليه وسار على الدربند القرابلي إلى المراغة في أوعر طريق، وأعسر مضيق. حتى اتصل بالأمير جاولي، فكثف من العدد الجمع، وكثر من العدد اللمع.

وأعجب السلطان الحال وحل به العجب، وانقلب إلى القوة وقوى منه القلب.

فحسدت الجماعة جاولي وغبطوه، وتحيلوا في أن يقبضوا عليه ويربطوه. فإن ابن طغايرك مع مصاهرته له كان بإمكانه متبرما، وكذلك خاصبك كان من استيلائه متوهما. فأجمع الأمراء واحتالوا لاغتياله في سرادق السلطان فاطلع على السر، ووقع على مكر المكر. فاحترز منهم، وتقبض عنهم، وأراد أن يبطش بهم كما أرادوا البطش به، ثم جرى في الحلم والكرم على حسب مذهبه وقال للسلطان: "أنا على مناصحتك، وفي مني صحتك، ولا يجمعني وإياك بعد هذا ناد، ولا يسمع تلبيتي فيه مناد". فما اجتمع السلطان وجاولي بعد ذلك إلا راكبين، منفردين عن العسكر متجانبين. وقال للسلطان: "إن أردت تداني أمني، فتباعد عني، ودعني انهض بعساكري إلى أعدائك، وأذكرهم بحقوق نعمائك فإن أتوا قبلتهم، وإن أبوا قتلتهم، وإن اتبعوا سررتهم. وإن ساروا تبعتهم".

Bogga 314