Taariikhda Cilmiga Luqadda Carabiga
تاريخ علوم اللغة العربية
Noocyada
ومن طبيعة هذا الترتيب أن يتألف الكتاب من ثمانية وعشرين بابا، ينعقد كل باب منها من ثمانية وعشرين فصلا على عدد حروف المعجم حسب ترتيبها التعليمي المشهور «أ، ب، ت، ث ... إلخ» إلا أن يهمل في بعض الأبواب بعض الفصول لعدم ورود شيء فيها، فإذا طلبت كلمة استقرى أو تقرى أو القيروان مثلا فإنك تجدها كلها في فصل القاف من باب الواو لأن أصل مادتها «ق، و، ر»، وإذا طلبت السماء أو الاسم أو التسامي فإنك تجدها كلها في فصل السين من باب الواو لأنها كلها من مادة «س، م، و». ونحن نلقب هذا «بمسلك الجوهري» وهو الفرع الثاني من المسلك اللفظي. ومن المؤلفين من لم يلتفت إلى حصر المفردات بوجه، بل وجه كل عنايته إلى تسهيل الحصول على المقصود عند البحث والمراجعة، فبوب كتابه على ترتيب حروف الهجاء التعليمي واعتبر أصول أوائل الكلم أبوابا وما يليها من الحروف الأصلية ثم ما يثلثهما فصولا، فتجد كلمة أسد قبل كلمة أسر وهذه قبل كلمة أسف وهذه كلها قبل كلمة أشر لأن الشين بعد السين. وأول من سلك هذا المسلك في الترتيب - على ما أظن - أبو الحسين أحمد بن فارس المتوفى سنة 310ه في كتابه «المجمل في اللغة»، وتبعه الزمخشري في كتابه «أساس البلاغة» وجاء بعده تلميذه ناصر بن عبد السيد المطرزي المتوفى سنة 610ه فألف كتابه «المغرب في لغة الفقهيات»، وسلك في ترتيبه مسلك شيخه في أساس البلاغة. وممن سلك هذا المسلك أحمد بن محمد المقري الفيومي المتوفى سنة 770ه في كتابه «المصباح المنير» في غريب الشرح الكبير، وعلى هذا المسلك سار المؤلفون من المعاصرين. والمؤلفون على هذا النمط يعتبرون من الكلمة حروفها الأصلية كما علمت فيضعون كلمة اتصل مثلا في باب الواو لأنها من مادة «و ص ل»، ومثلها اتأد واتسع واتكأ واتسق واتهم واتكل لأنها من مادة: «و أ د»، «و س ع»، «و ك أ»، «و س ق»، «و ه م»، «و ك ل»، ويضعون كلمة تترى في هذا الباب لأن مادتها «و ت ر». وفي هذا ما فيه من العسر على الذين لا علم لهم بمبادئ اللغة وأصول تصريفها، ولهذا نرى أن توضع المعاجم على أسلوب تكون العبرة فيه لحروف الكلمة كلها سواء في ذلك الأصلية والزائدة، وتوضع كلمة تترى مثلا في باب التاء والتاء وما يثلثهما، وكلمة اتقى في باب الهمزة والتاء وما يثلثهما وهكذا.
وقد سلك هذا المسلك من الأقدمين ياقوت الحموي في كتابه «معجم البلدان»، فإنه رتبه على هذا النمط غير ناظر إلى أصول الكلمات، فيضع كلمة «أسورة» مثلا في باب الهمزة والسين وما يليهما، وإذا طلبتها في المصباح تجدها في باب السين مع الواو وما يثلثهما وفي هذا عنت ليس بالهين. وعلى النمط السهل مشى مؤلفو معاجم الأسماء كابن خلكان في كتابه «وفيات الأعيان» وياقوت في كتابه «معجم الأدباء» وابن حجر العسقلاني في «الإصابة»، فإنك تجد فيها اسم «المعلى» مثلا في باب الميم والعين وما يليها، ولو طلبته في القاموس لوجدته في فصل العين من باب الواو، أو في المصباح لوجدته في باب العين واللام وما يثلثهما.
ولم نجد من اللغويين من سلك هذا المسلك على ما فيه من تسهيل المراجعة على المراجعين، ولا سيما أولئك الذين يتعسر عليهم تمييز أصول الكلمات من زوائدها. (9-2) فروع المسلك المعنوي
للمؤلفين الذين سلكوا هذا الطريق في تآليفهم مناهج شتى مرجعها كلها إلى أمل واحد هو ترتيب المعاني حسب أجناسها وأنواعها، ثم توزيع كل نوع منها إلى طوائف توضع كل طائفة منها تحت باب له عنوانه، وتقسم هذه الأبواب إلى فصول يوضع تحت كل فصل منها جملة من المعاني المتآخية. فإذا أخذ جنس الحيوان مثلا نجده ينقسم إلى أنواع كثيرة منها الإنسان، والبحث عن الإنسان يتوزع إلى أبواب كثيرة يضم كل باب منها طائفة من شئونه: فمن أعضائه، إلى طعامه، إلى شرابه، إلى لباسه، إلى مسكنه، إلى سلاحه، إلى حركاته وأطوار حياته وسائر صفاته وتقلبات أحواله. وإذا أخذنا باب اللباس مثلا نجده ينطوي على فصول عديدة في: النسج، والخياطة، والخيوط، والإبر، وفي ضروب الثياب وألوانها وأشكالها، وفي ثياب الرجال والنساء والولدان، وفي الأكسية والفرش ... إلخ. فإذا أخذت فصل الوسائد مثلا تجده يقول: «المخدة والمصدغة: ما يوضع تحت الرأس، والخرقة: هي التي تصف إلى أخرى، والمسند: ما يستند إليها، والمشورة: ما يتكأ عليها، والمنبذة: ما يطرح للزائر وغيره، والحسبانة: ما صغر من الوسائد ... إلخ.»
ثم من المؤلفين من يذكر المعنى المفرد ويذكر اللفظ الدال عليه، كأن يقول: «ما بين طرفي الخنصر والإبهام يسمى الشبر، وما بين طرفي السبابة والوسطى يسمى الرتب، وما بين طرفي الوسطى والبنصر يسمى العتب، وما بين طرفي البنصر والخنصر يسمى البصم، وما بين كل إصبعين طولا فهو الفوت.»
ومنهم من يذكر المعنى المركب ويردفه بالعبارة أو العبارات الدالة عليه، فإذا ذكر باب الخطيب والخطابة مثلا يقول: «خطيب بسيط اللسان، مصقول الخاطر ، ناصع البيان، خلاب الألباب، تنفجر ينابيع الحكمة على لسانه، إذا أفاض في كلامه ملك أعنة القلوب واستدر ماء الشئون وقوم زيغ النفوس ... إلخ.»
وأشهر من نهج المنهج الأول أبو منصور الثعالبي المتوفى سنة 429ه في كتابه الموسوم ب «فقه اللغة»، وابن سيده صاحب المحكم في كتابه «المخصص» في 17 جزءا، ويقال إنه قد سبقهما إلى هذا المنهج أحمد بن أبان الأندلسي المتوفى سنة 332ه في كتابه «العالم»، بدأ فيه بالفلك وختم بالذرة فجاء في مائة مجلد.
وممن ألف على النمط الثاني عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني المتوفى سنة 327ه ألف «الألفاظ الكتابية»، وقدامة بن جعفر المتوفى سنة 337ه فقد وضع فيه كتابه الذي أسماه «جواهر الألفاظ» وهو كتاب ممتع. (10) المعاجم العامة والخاصة
ومن المعاجم ما هو عام في جميع أبواب اللغة وأنواعها كالقاموس لمجد الدين الشيرازي والمخصص لابن سيده، ومنها ما هو خاص في باب من أبواب اللغة ونوع من أنواعها، وهذا النوع كثير الفروع - على ما ستراه - ونحن نذكر بعض هذه الفروع في هذا المقام على سبيل المثال، فمن ذلك: (1) مفردات القرآن. (2) ما جاء في القرآن بغير لغة العرب. (3) ما جاء في القرآن بغير لغة الحجاز. (4) مبهمات القرآن. (5) غريب الحديث. (6) لغات الفقهاء. (7) لغات بعض الكتب الفقهية. (8) الأضداد. (9) مثلثات اللغة. (10) لغات الشعر. (11) النبات. (12) الشجر. (13) النخل والكرم. (14) خلق الإنسان. (15) خلق الفرس. (16) الأنواء. (17) الرياح. (18) الإبل. (19) الشاء. (20) السلاح. (21) الفصيح. وغير ذلك مما يطول شرحه ويتعسر استقصاؤه، وفي كل من هذه الأنواع كتب كثيرة سيمر بك طرف منها إن شاء الله تعالى. (11) الطبقة السادسة
وبعد إجمال ما استطردنا إليه من تنويع مسالك المؤلفين من اللغويين، نرجع إلى ما كنا بصدده من تتبع طبقات اللغويين واستقراء سلسلتهم حلقة حلقة فنقول: أشهر من تلقى العربية عن طبقة الخليل: (1)
Bog aan la aqoon