Taariikhda Cilmiga ee Carabta
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Noocyada
فأصبحت في قرطبة واحدة من أكبر مكتبات العالم القديم، ضمت مائتي ألف مجلد، وقيل أربعمائة ألف، وكانت فهارسها تستغرق أربعا وأربعين كراسة، كل منها خمسون ورقة، ليس فيها إلا عناوين الكتب، بينما كانت أكبر مكتبة في أوروبا آنذاك - وهي مكتبة كنيسة كنتربري - لا تضم أكثر من خمسة آلاف كتاب. أما غيرها من المكتبات الكبيرة فكانت لا تحوي في العادة أكثر من مائة مجلد، مع استثناء مكتبة كلوني التي ضمت في القرن الثاني عشر - قرن أديلارد الباثي - خمسمائة وسبعين كتابا.
4
ويقول ابن سعيد المغربي في كتابه «المغرب في حلي المغرب»:
إن الأمير عبد الرحمن الأوسط وابنه الحكم المستنصر جدا وأنفقا في إرسال الرسل للبحث عن الكتب في المشرق، وجمع ابنه ما لم يجمعه أحد من الأمراء والملوك، وأوجد في قرطبة أكبر عدد من الكتبة والنساخين والمجلدين والمزخرفين، استقدم بعضهم من صقلية ومن بغداد، على الإجمال، كان نقل واستجلاب التراث المشرقي الخصيب يسير على قدم وساق، فتزدهر قرطبة.
وقد كان للأمير القرطبي الرابع «عبد الرحمن الثاني» أكبر النصيب في إنماء الازدهار القرطبي، إذا برز كأكبر الحماة للعلماء وصديقا مخلصا للأدب والفنون، ويهمنا الآن شغفه البالغ بكل ما يتصل بعلمي الرياضيات والفلك.
ولعل أهم النواتج التي تمخض عنها كل هذا هو انتقال الرياضيات العربية من عاصمتها بغداد إلى قرطبة، لتصبح قرطبة بدورها من أبرز مراكز الدرس الرياضي فى عصرها. وإذا كان رائد الرياضيات الأندلسية هو أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريط المعروف بمسلمة المجريطي (وقيل إن المجريطي = المدريدي) (950-1007م) والذي يلقب بإقليدس الأندلس، فإن المجريطي أنجب تلاميذ كثيرين أنشئوا المدارس في قرطبة. من أهمهم الكرماني وهو (أبو الحكم عمرو بن عبد الرحمن بن احمد بن علي الكرماني)، قيل عنه إنه أعلم علماء زمانه بالهندسة، وأيضا ابن الصفار، وهو أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عمر الشهير بابن الصفار، وكان متحققا بعلم العدد والهندسة والنجوم وله زيج مختصر وكتاب في (العمل بالأسطرلاب) ويقول عنه صاعد الأندلسي: إنه موجز حسن العبارة قريب المأخذ، وله تلاميذ كثيرون اشتهروا بالفضل والعلم. وكذلك كان كل عالم رياضة مبرز في قرطبة له تلاميذ، حتى اشتهرت قرطبة بمدارسها الرياضية وأخرجت جحافل من علماء الرياضة العربية. نذكر منهم في القرن العاشر الميلادي: ابن السمينة البصير بالحساب، وعبد الرحمن بن إسماعيل بن زيد الذي اشتهر في الحساب والمنطق، وابن شهر، وابن البرغوث الذي يعد من أشهر تلاميذ ابن الصفار، ومنهم أيضا محمد بن خيرة العطار أبرز معلمي الهندسة والعدد بقرطبة آنذاك. هذا فضلا عن التالين في القرن الحادي عشر من أمثال التجيبي المعروف بالقويدس، وابن حي
5 ... ولن ننتهي من حصرهم؛ خصوصا وأنها أنجبت أضعافا مضاعفة في القرن التالي - القرن الثاني عشر - وهو قرن أديلارد الباثي
Adelard of Bath . •••
وها هنا يتبدى دور أديلارد الباثي الذي استقطب هذا الزخم الصادر عن قرطبة، وهو ليس راهبا كما يظن، ويعد من أهم الشخصيات الرياضية في أوروبا إبان القرن الثاني عشر؛ وذلك لأنه في طليعة المترجمين الذين تكفلوا بنقل الرياضيات العربية إلى اللاتينية.
لم يكن أديلارد مترجما فحسب، بل كان أيضا عالما وفيلسوفا. جهوده المبكرة في الحساب ظهرت في عمل عنوانه
Bog aan la aqoon