Taariikhda Cilmiga Suugaanta

Ruhi Khalidi d. 1331 AH
170

Taariikhda Cilmiga Suugaanta

تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو

Noocyada

أما الباعث على تأليف هذا الكتاب، فهو ما ذكره المؤلف في مقدمته حيث قال: طالما وجد عذاب اجتماعي بفعل القوانين والعادات، طالما لم تحل الثلاث المسائل العصرية، وهي الحط من كرامة الإنسان بكثرة البؤساء، وسقوط المرأة في العهر بسبب الجوع، وفقر دم الأولاد باشتداد برد الليل، طالما وجد في الناس جهالة وفقر، فالكتب التي هي جنس هذا الكتاب لا تخلو من الفائدة ...

وموضوع الكتاب أن رجلا فقيرا يدعى جان فلجان كسر قفل الخباز، وسرق رغيفا ليطعمه لأولاد أخته الجياع فحكمت عليه المحكمة وفقا للقوانين بالأشغال الشاقة، وألقي في الحبس الذي هو جهنم الهيئة الاجتماعية ولاقى من الآلام والمحن ما لاقاه على زعم النصارى المسيح بن مريم - عليهما السلام - تخليصا للبشر من الخطايا، فكان جان فلجان فداء للأخلاق الإنسانية. وبعد تحمله الآلام والمشاق الكثيرة صعد إلى النور، وكان الأسقف ميريل وهو من أشخاص هذه القصة وعظ هذا الجاني بالصبر على المصيبة، ووضع في نفسه المظلمة شعاعا طفيفا فاستنارت ثم توقدت وتوهجت، فصور الشاعر ما اختلج في صدر هذا المحكوم عليه من الهيجان وعبر عن ذلك بحدوث زوبعة عاصفة في قرعة الرأس، ومن أشخاص هذه القصة وأبطالها البنت فوزيت والبوليس جافر وبين حالة العملة والشغال الذين يلجئهم الفقر والجوع إلى ارتكاب القبائح والجرائم، وحالة البنات الشغالات اللواتي صيرتهن المتربة من العواهر الفاجرات، وصور الفقر المدقع والجوع القتال أحسن تصوير، وفي هذه القصة أيضا أخبار كافروش وهو من رعاع باريس، وما جرى له مع البوليس جافر وقد اشتهر خبرهما حتى ضرب بهما المثل، ومما ذكره المؤلف بطريق العرض في هذه القصة محاربة واترلو التي غنمها نابوليون الأول، ووصفها بكلام نثري أشبه بالشعر الحماسي، وذكر أيضا الفتنة التي حدثت في باريس سنة 1832، أما البوليس جافر فجعله مثالا للطاعة والقيام بأعباء الوظيفة. (2)

نوتردام دوباري، وهي كنيسة باريس الجامعة سمى بها قصته لجريان حوادثها في هذه الكنيسة وفي أطرافها، وهي بنيان ضخم غليظ في وسط باريس بقرب نظارة الضبطية ونظارة العدلية أو الحقانية، وموضوع القصة عبارة عن عشق ضابط فرنساوي يدعى فوبوس لرقاصة نورية تدعى أسميرالده ورقاية راهب الكنيسة لهما وخطف أحد الأشقياء المدعو كازيمودو للبنت، فالموضوع بسيط عادي ومهارة المؤلف تظهر في تصوير الحالة التي كانت عليها باريس في القرون الوسطى، ووصف ما فيها من الأزقة المظلمة والطرق الغير مستقيمة، ووصف أهلها ما بين بائع وتاجر وصانع وتلميذ وجندي وشريف ووضيع، وهم يمرون أمام الكنيسة أفواجا أفواجا ويروحون ويغدون في فنائها ويستظلون بظلها، وصور جميع ذلك بصورة خيالية وهمية لطيفة تعجب القارئين، وهي مؤلفة على أسلوب اللغة الرومانية. (3)

هان الإسلاندي، وهي قصة مصورة للجمال الذي قد يكون في الشنيع، كما صور محبة الوالدة لولدها وتهافتها على إنقاذه من مخالب الموت في رواية لوكريس بورجيا رغما عن قساوة أخلاقها وسوء أفعالها، وكما صور هذا المؤلف أيضا في رواية الملك تسلي إشفاق الوالد على بنته وغيرته على ناموسها، وسعيه في تخليصها من أيدي الملك مع أن هذا الوالد لا يغار على ناموس نفسه، ولا على شرفها ولا يبالي في ارتكاب أنواع الدناءة والمجون، ومن بديع الحكم التي في قصة هان الإسلاندي ما ذكره في مقدمتها عن «نضج القريحة» قال:

في كل مصنف فكري مثل الدرام والشعر والرومان ثلاثة أشياء: ما شعر به المؤلف، وما نظر فيه المؤلف، وما تنبأ به المؤلف، فليكون الرومان (القصة) حسنا ينبغي أن يكون فيه كثير مما شعر به وكثير مما نظر فيه، وأما الشيء المتنبأ به فيلزم أن يظهر من تمام الشيء الذي شعر به، والشيء الذي نظر فيه بغير احتياج للحل، وإنما بالطبع والبداهة.

فإذا انقضى الفصل الأول من العمر وانحنت الجبهة على الكتاب والكتابة وشعر المرء باحتياجه لعمل شيء آخر خلاف الحكايات الغريبة التي يخوف بها النساء العجائز والأولاد الصغار، واحتك بالحياة احتكاكا خلق ديباج شبابه، يعلم حينئذ أن كل إيجاد وكل اختلاق وكل تنبؤ في هذه الصناعة ينبغي أن يكون أساسه مبنيا على الدرس والنظر، والتفكر والعلم والقياس والمقابلة والتعقل الصحيح، وكمال الدقة في تصوير الأشياء بحسب الطبيعة، ونقدها نقدا خاليا من الغرض والهوى، فالإلهام الحاصل من مراعاة هذه الشروط الجديدة لا يضيع شيئا من هذه الصناعة الأدبية، وإنما يكسب صاحبها نفسا عاليا وجناحا قويا، ويعرف الشاعر بالطريق التي يسلكها حينئذ، وجميع التخيلات الهوائية التي تخيلها في سني حياته الأولى تجمد على هيئة مخصوصة كما يجمد الجليد، ويتشكل منها فكرة ورأي. فهذا الدور الثاني من حياة المصنف المتفنن هو الزمن الذي يؤلف فيه أحسن مصنفاته ويكون فيه شابا نضيج الرأى، فهذه هي الصحيفة الثمينة والنقطة العليا التي هي الأوج والساعة التي يشتد فيها الحر والضياء من وسط النهار، واللحظة التي يقل فيها الظل إلى أقل ما يمكن، ويكثر فيها النور إلى أكثر ما يمكن ... ا.ه. (4)

بوغ جارغال، حرر فيكتور هوكو هذه القصة وهو في السادسة عشرة من عمره، وطبعها ثم صححها وأعاد طبعها، وموضوعها أنه في سنة 1791؛ أي في أثناء الانقلاب الكبير الفرنساوي كان في جزيرة سن دومينيك من جزر الانتيل الأميركانية عبد أسود يسمى بييرو يخدم عند أوروبي من أغنياء المستعمرين فأحب ابنته مارية حبا شديدا وكانت بديعة الحسن والجمال، ولها خطيب فأخفى العبد حبها ولم يبح لها بشيء، ولكنها كانت تلاحظ حنوه وإشفاقه عليها، وخطيبها كان يرى ذلك، ويعجب من جرأته على محبة خطيبته، ثم حصلت ثورة العبيد السودان على المستعمرين من البيضان، وفي أثناء معامع الثورة خطف أحد السودانيين مارية، وذهب بها إلى مكان بعيد فخرج خطيبها يفتش عنها، فقبض عليه الثائرون وأرادوا قتله، وأحضروه بين يدي بييرو وكان انتخب بوغ جارغال؛ أي: رئيسا للثائرين فحماه من شرهم وجمع بينه وبين خطيبته مارية، ثم إن بوغ جارغال ضحى بنفسه لسلامة معشوقته وخطيبها؛ ولتخليصهما من أيدي العبيد الثائرين، وسلم نفسه لأعدائه البيضان ليقلتوه وأداه حبه إلى فداء روحه في سبيل محبوبته، ومن هذه القصة يظهر اقتدار المؤلف في تصوير الوقائع مع حداثة سنه. (5)

آخر أيام المحكوم عليه بالقتل، ألف فيكتور هوكو هذه القصة سنة 1829، وصور فيها المحكوم عليه بالإعدام وهو في سجنه ينتظر حلول الساعة التي ينقضي فيها أجله وتزهق روحه، وعبر بأسلوب بديع عن بكائه واضطرابه وانزعاجه، وبين جميع ذلك بأساليب شعرية لا وصفية فقط، فكان المؤلف كأنه يشاهد جميع حركات هذا المسكين وارتجافه، واختلاج عضلاته اختلاجا طبيعيا لكسر سلاسل الحديد التي برجليه، والحبل المربوط بيديه، وكأنه يفهم ما يقوم في ذهنه ويخطر في باله من الأفكار المرعبة، والتصورات الهائلة المدهشة، فحرر جميع ذلك بكيفية مؤثرة محزنة يكاد القارئ يجن من تلاوتها. ففيكتور هوكو أجهد نفسه كثيرا في إبطال الجزاء بقتل النفس، وسعى في إلغاء هذا الجزاء بقلمه ولسانه، وخطب في هذا الموضوع خطبا كثيرة في مجلس النواب، وفي النوادي والمجتمعات، ولكنه لم يتوفق لرفع جزاء القتل من القانون الفرنساوي. (6)

المشتغلون بالبحر، ومقدمتها تبحث عن أرخبيل بحر المانش الفاصل بين فرنسا وإنكلترة، فصور المؤلف في هذه القصة ما يكابده الملاحون، والنوتية من العذاب الأليم، وما يقاسونه من الأهوال، والشدائد عند تخالف الهواء، وحصول الأنواء وتلاطم الأمواج وانكسار السفن، وإشراف من فيها على الهلاك ووقوعهم فريسة لحيوانات البحر، ومنها الحيتان الكبيرة ومنها ما يلتف على الإنسان كما يلتف الحبل ويشد وثاقه شدا محكما حتى لا يستطيع حراكا، ثم يعض بدنه كالعلقة ويمتص جميع دمه، ويسمى هذا الحيوان البحري

هبراو (ربيله)، ومن البلاء الذي يقع فيه الفلاحون وصيادو السمك أيضا رمال المستنقعات التي على سواحل البحار يحسبها الواحد منهم أرضا يابسة، فإذا وطئها غاصت رجلاه في الرمال وكلما تحرك حركة للتخلص منها زاد غطسا فيها إلى رأسه، ويستمر في هذا العذاب الأليم، وهو يشاهد الموت بعينه ولا سبيل للنجاة حتى يغرق ويموت خنقا، فوصف الشاعر مجاهدة المشتغلين بالبحر من أفراد الإنسان، والمعترك الذي يحصل بينهم وبين الطبيعة أتم وصف مما يذكرنا بقصة السندباد البحري، وما لاقاه في أسفاره. (7)

Bog aan la aqoon