وفى يوم جمعة ذهب المسلمون إلى أبواب تلك القصور ودعوهم إلى صلاة الجمعة وألحوا، فكانوا (أى الأغنياء) يضربونهم بالحجارة من أسطح القصور، فدارت الحرب وتغلب المسلمون، واقتلعوا أبواب قصورهم وجاءوا بها، وكان كل شخص قد نقش على تلك الأبواب صورة صنمه، فلما اتسع المسجد الجامع استخدموا تلك الأبواب فيه، وكشطوا وجوه الصور وتركوا بقيتها وأقاموها. ويقول أحمد بن محمد ابن نصر: قد بقى واحد من تلك الأبواب إلى اليوم فى ذلك الموضع الذى تنزل منه من السطح إلى باب المسجد الجامع حين تريد الذهاب إلى سراى أمير خراسان، فتترك الباب الأول والباب الثانى من بقية تلك الأبواب، وأثر الكشط ما يزال ظاهرا عليه. وذلك المسجد الذى فى داخل الحصار بناه قتيبة، وكان الناس يصلون فيه، فلما ازداد الإسلام، وكانت رغبة الناس فى الإسلام تزداد كل يوم، لم يتسع لهم ذلك المسجد إلى أن كان زمن الفضل بن يحيى بن خالد البرمكى «1» حين صار أمير خراسان فى زمن هارون الرشيد، فتجمع أهل بخارى واتفقوا فيما بينهم وأنشأوا مصرف «2» الحصار وبنوا بين الحصار والمدينة المسجد الجامع سنة مائة وأربع وخمسين (770 م) وصلوا الجمعة فى مسجد الحصار الجامع. وحين بلى المسجد الجامع تعطل مسجد الحصار الجامع كذلك، وصار ديوانا للخراج، ولم يكن لأحد فى عمارة المسجد الكبير ما كان للفضل بن يحيى البرمكى من الأثر، وقد أنفق عليه مالا كثيرا وكان كل بعد ذلك يزيد فيه، حتى كان زمن الأمير إسماعيل السامانى رحمه الله، فاشترى دورا كثيرة، وزاد فى المسجد مقدار الثلث. وكان أول من أمر بقناديل فى المساجد فى شهر رمضان هو الفضل بن يحيى البرمكى هذا.
Bogga 79