ومن دراسة القدامى لأقوال من سبقهم من الأئمة استطاعوا تصنيف النقاد إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
متعنت في التوثيق متثبت في التعديل يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث فهذا إذا وثق شخصًا فعض على قوله بنواجذك وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعف رجلًا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه. فان وافقه ولم يوثق ذلك الرجل أحد من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا هو الذي قالوا فيه: لا يقبل فيه الجرح إلا مفسرًا؛ يعني لا يكفي فيه قول ابن معين مثلًا: هو ضعيف ولم يبين سبب ضعفه، ثم يجيء البخاري وغيره يوثقه. ومثال هذا يختلف في تصحيح حديثه وتضعيفه.
القسم الثاني:
متسامح كالترمذي والحاكم وابن حزم.
القسم الثالث:
معتدل كالإمام أحمد والدارقطني وابن عدي١.
«تاريخ ظهور هذا الفن» .
لقد ظهر علم الجرح والتعديل في عهد مبكر جدًا. يعود إلى عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كما ذكر ذلك الحافظ الذهبي حيث قال:
"وتكلم في الرجال جماعة من الصحابة"٢ ثم من التابعين كالشعبي وابن سيرين. ولكنه في التابعين بقلة لقلة الضعف في متبوعهم إذ أكثرهم صحابة عدول، وغير الصحابة من المتبوعين أكثرهم ثقات ولا يكاد يوجد في القرن الأول
_________
١ فتح المغيث ٣/٣٢٥ بتصرف.
٢ لا يعني هذا أن الصحابة كانوا يطعنون في عدالة بعضهم وإنما يعني إنهم تكلموا بعضهم من قبل ضبطهم وإتقانهم كما فعلت عائشة ﵂.
1 / 8