============================================================
ذكر ذي القرنين مملكة فارس فكتب إلى آمه واسمها غيدا يخبرها بما فتح الله تعالى له من مملكة فارس بتزوجه برشنك ابنة دارا وسأل أمه أن ترسل إلى رشنك من الهدايا ما يصلح لمثلها ففعلت غيدا ذلك ودخل ذو القرنين برشنك وأكرمها غاية الإكرام، وسكن كل واحد منهما إلى صاحبه قال: وأقبل ملك من الهند واسمه فور في جند عظيم مددا لدارا ولم يعلم أنه قد هلك، فلما بلغه خبره كر راجعا إلى أرض الهند فبلغ خبره ذو القرنين، فكتب إليه من الإسكندر ذي القرنين إلى فور ملك الهند، أما بعد فقد بلغك ما كان من نصرة الله تعالى لي على من خالفني وما كان من أمري وأمر دارا ملك فارس، والآن فإني أدعوك إلى طاعتي والانقياد لي والدخول في ديني فإن فعلت كنت قد أصبت حظك ولم أقصر حينئذ في صلاحك وصلاح أهل مملكتك وإن أبيت سرت إليك بجنودي واستعنت بالله تعالى عليك وقد نصحتك إن قبلت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فلما بلغه كتاب ذي القرنين كتب في جوابه من فور ملك الهند إلى اسكندر الرومي أما بعد فقد بلغني كتابك ورسولك وفهمت ما ذكرت من آمرك وأمر دارا وهلاكه وإنما أهلك دارا قومه وعدم تدبيره، واعلم آنه لم يطمع أحد قط في ملك الهند ولا غلبهم فلا تحذث نفسك بما لا يكون وارجع إلى بلادك سالما قبل أن لا تقدر على ذلك، وإن لم تفعل سرت إليك بجنودي وفيلتي ومررت عليك وعلى جندك وأوردتك وإياهم حياض الموت، فلما قرأ ذو القرنين كتاب ملك الهند ارتحل بعساكره وعساكر فارس حتى ورد بلاد الهند ثم كتب ثانيا إلى ملك الهند ودعاه إلى الطاعة وحذره الخلاف وأخبره إن لم يفعل أقصد قتاله فليتهيأ لذلك، فلما قرأ ملك الهند كتابه جمع جنوده وفيلته وسار إلى ذي القرنين، فلما التقى العسكران ونظر جنود ذي القرنين إلى الفيلة هابوا ذلك وخاف ذو القرنين على عسكره ففكر واحتال وأمر الصناع أن يصنعوا له تمائيل من نحاس وحديد على صورة الرجل فصنع منها آربعة آلاف وجعل فيما بين ذلك يراسل ملك الهند ويحتال له ويشغله بالكتب والرسل إلى أن فرغ مما أراد وصنع للصور عجلات يحمل عليها وتجر وكان في عسكره من أنواع الصناع عدد كثير ومن الآلات أيضا ثم إنه ملأ أجواف تلك التماثيل قيرا ونفطا وكبريتا وأضرم فيها النار حتى حميت واتقدت وأمر الرجال حتى جروها على عجلاتها وصفوها أمام العسكر ثم أمر عساكره بالتهيؤ للقتال وبعث إلى ملك الهند ودعاه إلى الحرب وأقبلت عساكر الهند وأمامها الفيلة وقدم ذو القرنين التمائيل أمام صفوفهم فجعلت تحمل على التمائيل تظن أنها رجال فتضربها بخراطيمها فتحترق وتنهزم فولتها إلى أصحابها واقتتل الناس قتالا شديذا واشتد الأمر حتى خاف أصحاب ذي القرنين على أنفسهم فتقدم ذو القرنين أمام العسكر ونادى ملك الهند يا فور أخرج إلي أكلمك فدنا منه فقال له ذو القرنين:
Bogga 365