279

============================================================

ذكر لقمان عليه السلام لقمان فزرع فيها شعيرا فلما كان بعد أيام قال له مولاه: امض بنا إلى أرضنا ننظر فيها فمضيا إليها فرأى مولاه فيها شعيرا فقال له: ألم آمرك أن تزرعها سمسما؟ قال: بلى، قال: فما بالك قد زرعت فيها شعيرا قال لقمان: كان الشعير أيسر وجوذا وقيمة فاشتريت وزرعت ليثبت لنا سمسما، قال يا هذا ألم تعلم آن الشعير لا ينبت سمسما قال لقمان: ظننت ذلك قال: ومن أين ظننت ذلك قال: لأني أراك تعمل السيئة وترجو من الله تعالى الرحمة والجنة فقلت إن كانت السيثة تورث الجنة فلا عز وإن نبت الشعير السمم فاستيقظ مولاه بقوله وتاب على يده فأعتقه وقيل: لا، بل كان سبب عتقه أن مولاه راهن رجلا في قمار على شريطة إن هو قمره آن يعطيه نصف ماله أو يشرب ماء النهر والنهر في واد عظيم كانا على شريطة وكذلك إن قمره صاحبه أن يأخذ ذلك من ماله أو يشرب الماء قال: فقمر الرجل مولى لقمان فاغتم لذلك ورجع إلى بيته مغما فجاء لقمان فرآه مغتما فقال لمولاه: ما لي أراك حزينا فأخبره فقال: لا تغتم فإني سأصلح لك أمرك فلما كان من الغد جاء الرجل إلى باب مولى لقمان وسأله أن يعطيه نصف ماله أو يشرب ماء النهر فقال لقمان: اذهب بنا وقال للرجل امض إلى الوادي ليشرب مولاي ماءه، فلما حضروا قال لقمان للرجل الماء الذي تطلب مولاي يشربه الذي كان هنهنا بالأمس حين راهنتما أو الذي هو الآن موجوذ في النهر أو الذي يسيل من خلفه فإن كنت تطلب شرب ما كان ههنا بالأمس فما سبيلك آن ترده إليه فيشربه وان كان تبتغي شرب الماء الذي ههنا فاحفظه لئلا يذهب وإن كنت تريد منه شرب ما يأتي من خلفه فأمسكه حتى لا يختلط بهذا الماء فيشربه فإن مولاي لم يضمن شرب ماء هذا النهر ما دام يجري من أول الدهر إلى آخره وأخذ يخاصم الرجل ويشاح عنه إلى أن يشتم الرجل فقال له: إني تركت مولاك فاتركني فلما خلص لقمان مولاه مما وقع فيه شكر له مولاه فأعتقه قال وهب: وكان لقمان رجلا دميما أبيض القلب طاهر قد نؤره الله تعالى بنور الإيمان والهمة والحكمة والحق وأطلق بها لسانه وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكان رجلا تقيا قويا في آمر الله تعالى ورعا في دينه ساكنا متذللا خاشعا وجلا كثير الخوف طويل الفكر والنظر في عظمة الله تعالى وجلاله وأنه لم ينم نهارا قط ولم يره الناس على بول وغائظ لشدة تستره ولم ير أحذا من الناس له سوأة قط وكان قليل الغضب وقليل الضحك غضيض الطرف مخاف الاثم على نفسه كثير الصمت قليل الكلام وكان يقول: إن الله تعالى يقول: ليس كلام كل حكيم أقبل ولكني آنظر إلى همته وهواه فإن كان همته وهواه لي جعلت همته تفكرا وكلامه حمذا، وكان يقول إن يد الله تعالى على أفواه الحكماء لا يتكلم أحد منهم إلا بما هيأه الله تعالى له وكان لا يعيد كلمة يتكلم بها إلا أن يسأله ساثل عن كلمة ينفعه الله تعالى بها

Bogga 279