============================================================
ذكر سليمان عليه السلام وجاءه السحاب ويقال: لا، بل هو دعا بالسحاب واستودعه ولده وخادمه وما يحتاج إليه الصبي جميعا وأمر الريح أن يحمل السحاب في الهواء فكان السحاب يجيء بالولد كل يوم مرتين غداة وعشية حتى يراه سليمان وأم الولد فترضعه أمه إن شاءت ويتعهده ثم تذهب به وتصعد الريح به في الهواء فإذا أراد سليمان وأمه أن يرياه أمر سليمان الريح فتحمل السحاب إليه بالولد فلم يرض الله من سليمان ميل قلبه إلى الريح والسحاب في أمر ولده دون الله فذلك فتنته فأمر الله ملك الموت بقبض روح الولد، وأمر السحاب فألقاه على كرسي سليمان، فذلك قوله تعالى: وألقينا على كرسيه جسدا} (ص: الآية 34) وهو جسد ولده الميت، وروي أن سليمان لما مات ولده جلس للتعزية وجاء الناس يعزونه فبعث الله ملكين على هيئة رجلين فتقدما إلى سليمان وهو جالس للتعزية فقال أحدهما: يا نبي الله إني زرعت زرغا فلما نبت وحسن نباته مر هذا بزرعي فوطئه وأفسده فقال سليمان للآخر: لم أفسدت زرعه؟ فقال: يا تبي الله إني كنت أمر على سبيل الجادة فأتيت على زرع على قارعة الطريق فنظرت يمينا وشمالا فلم أر الطريق إلا على المزروع فسلكت طريقي ولم يكن لي من سلوكه بذ فقال سليمان للأول: لم بذرت على قارعة الطريق ألم تعلم أن الناس لا بد لهم من سلوك طريقهم قال الرجل لسليمان: ولم ولدت على قارعة طريق الموت ألم تعلم أن الدنيا طريق الموت، وأنه لا بد أن يطأ الموت جميع من في الأرض، فقال سليمان: صدقت وقام من مجلسه وترك الحزن على ولده، وقال ابن عباس وكثير من أهل الإخبار إن معنى قوله تعالى: ولقد فتنا شلمكن وألقينا على كرزسيهه جسدا} (ص: الآية 34] إن الجسد هو الشيطان الذي أجلسه الله على سرير سليمان أيام نزع الله تعالى عنه ملكه واختلفت الروايات في نزع الملك عن سليمان وسببه فقال قتادة (1) ذكر أن سليمان أمر بيناء بيت المقدس فكانوا يبنونه ويقطعون الحجارة لبنائه وفرشه، فكان يقرع صوت الحديد التي يقطع به الحجارة سمع سليمان فقال للناس: هل يكون شيء يقطع به الحجارة ولا يكون له قعقعة الحديد فقالوا: لا ندري، فسأل الجن والشياطين فقالوا: نعم شيء يقال الماس ويسمى بالعبرانية السامور، فقال: ومن الذي يعرف موضعه؟ فقالوا: عفريت من العفاريت يقال له: صخر المارد فقال سليمان: علي به، فقالوا: إنه لا يطيع أحدا إلا أن تبعث إليه بختمك على طابع فكان على خاتمه أربعة أسطر من آربع نواحي مكتوبا (1) قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري (ت 117 ها، له ترجمة في ابن خلكان: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد (ت 681 ها. وفيات الأعيان وأنباء أبتاء الزمان، تحقيق الدكتور إحسان عباس، دار الثقافة، الطبعة الأولى، لبنان، بيروت 1968 م. ابن حجر، تهذيب التهذيب 475/7، السيوطي، طبقات الحفاظ ص 47.
Bogga 267