كما كان لنشأته الدينية البحتة، وحنكته السياسية أن ربى أبناءه تربية إيمانية صحيحة، ونشأهم على العفة والطهارة، وبصرهم بمسئولياتهم الجسيمة الملقاة على عواتقهم، وكان دائم النصح والتوجيه لهم، ومن وصاياه لهم: «يابني اتقوا الله يكرمكم الله، وصلوا أرحامكم يطل الله أعماركم، ويبارك في أموالكم، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، إياكم ودمائ الناس، فإن تبعاتها في الدارين عظيمة، وأصلحوا المال، وأكرموا الضيف بما تجدون، ولايكن لكم عن طلب العلم مانع يستغرق أوقاتكم، ولكن قسموا أوقاتكم واجعلوا خيرها وأكثرها في طلب العلم إلا ماكان لابد منه في إصلاح مالكم» (1).
ولقد كان لهذه التربية أثر عظيم في تعليمهم الحنكة السياسية، وتحملهم مسئولياتهم وهم في سن المراهقة، فقد اشتركوا في المعارك الحربية صغارا، وتحملوا العناء والتشريد والجوع ثم الأسر، ولكن ذلك لم يمنعهم من الاستمرار في دورهم النضالي والجهادي والعلمي حتى تمكنوا من طرد العثمانيين وتوحيد اليمن كاملا زمن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، ويذكر المؤرخون من مواقفهم حال الصباء، أن الحسن خرج إلى ساحة القتال وهو في سن الخامسة عشرة.
وأخوه محمد تعرض لأشد الأزمات أثناء حصار شهاة سنة (1009 ه) ورفض الخروج منها رغم أن أصحاب والده جاءوا لاستخراجه هو وإخوانه، وذلك حرصا على أرواح أهل شهارة حيث قال: «لقد وهبت نفسي لله سبحانه وتعالى، ولمن في شهارة المحروسة بالله مع المسلمين والعلماء والمستضعفين، وإن الإمام لم يأمرني بذلك، وفي بقائي سلامة من في شهارة»(2).
Bogga 222