Tarbiya Fi Islam
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Noocyada
قال ابن الجوزي: «وقد تشبث القاعدون عن التكسب بتعللات قبيحة، منها أنهم قالوا: لا بد أن يصل إلينا رزقنا؛ وهذا في غاية القبح. فإن الإنسان لو ترك الطاعة وقال: لا أقدر بطاعتي أن أغير ما قضى الله علي، فإن كنت من أهل الجنة فأنا إلى الجنة، أو من أهل النار، فأنا من أهل النار، قلنا له: هذا يرد الأوامر كلها. ومعلوم أننا مطالبون بالأمر لا بالقدر.»
9 «قالت المجبرة: لا قدرة للآدمي، بل هو كالجماد مسلوب الاختيار والفعل.»
10
وينتقد أهل السنة الذين يثبتون الحرية والإرادة للإنسان، بأن في خلق العباد لأفعال أنفسهم سلبا للقدرة الإلهية. وفي ذلك يقول صاحب الإنصاف في تعليقه على تفسير الكشاف: «ويجعلون أنفسهم الخسيسة شريكة الله في مخلوقاته، فيزعمون أنهم يخلقون لأنفسهم ما شاءوا من الأفعال على خلاف مشيئة ربهم، محادة ومعاندة لله في ملكه، ثم يتسترون بعد ذلك بتسمية أنفسهم: أهل العدل والتوحيد والله أعلم بمن اتقى. ولجبر خير من إشراك؛ إن كان أهل السنة مجبرة فأنا أول المجبرين.»
ولم يذكر القابسي حلا صريحا لهذه المشكلة؛ لأن كتابه لم يتعرض لبحث المسائل الكلامية. وأهل السنة على وجه العموم لا يخوضون في بحث هذه المسائل الشائكة التي تدعو في نظرهم إلى الانزلاق نحو الكفر، وإنما يقبلون ما فيها من تعارض بإيمان العقيدة، لا بيقين العقل، كما كان يفعل السلف.
وقد أراد الأشاعرة أن يحلوا هذه المشكلة فما زادوها إلا تعقيدا؛ ورأيهم في الكسب دقيق، ولذلك يضرب به المثل، فيقال: هذا أدق من كسب الأشعري.
والرأي عندهم: «أن الأفعال مخلوقة لله مكتسبة للعبد، فجمعوا بين الأمرين وقالوا: إن الأفعال واقعة بقدرة الله وكسب العبد. فالله تعالى يخلق الفعل والقدرة عليه بإجراء العادة. ولهذا جاز إضافة الفعل إلى العبد وصح التكليف والمدح والذم والوعد. فإنا لو لم نقل بالكسب، لزم أحد الأمرين إما الميل إلى الاعتزال، وإما القول بالجبر، وكلاهما باطل.»
11
أما أهل السنة فقد كفوا أنفسهم مئونة هذا التحايل على التوفيق، وقالوا إن الناس مطالبون بالأمر لا بالقدر.
فالقابسي يثبت القدرة الإلهية، كما يثبت الإرادة الإنسانية، ويضيف إلى الإنسان الاختيار وبذلك يكون مسئولا عن أعماله، محاسبا عن أفعاله.
Bog aan la aqoon