247

Tarbiya Fi Islam

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Noocyada

وأما تعليم الصبيان في المسجد، فإن ابن القاسم قال: سئل مالك عن الرجل يأتي بالصبي إلى المسجد، أتستحب ذلك؟ قال: إن كان قد بلغ موضع الأدب، وعرف ذلك، ولا يعبث في المسجد فلا أرى بأسا. وإن كان صغيرا، لا يقر فيه ويعبث، فلا أحب ذلك، ولابن وهب عن مالك مثل معنى هذا. وأما سحنون فقال: سئل مالك عن تعليم الصبيان في المسجد فقال: [67-ب] لا أرى ذلك يجوز؛ لأنهم لا يتحفظون من النجاسة، ولم ينصب المسجد للتعليم. قال أبو الحسن: جواب صحيح، وتكسب الدنيا في المسجد لا يصلح. ألم تسمع قول عطاء بن يسار للذي أراد أن يبيع سلعة في المسجد: عليك بسوق الدنيا، فإنما هذا سوق الآخرة. فلا يترك لمعلم الصبيان أن يجلس بهم في المجسد، وإن اضطر إلى ذلك بانهدام مكانه، فليتخذ مكانا يعلم فيه إلى أن يصلح ما انهدم له، إن أحب.

واتخاذ المكان عليه، كان بيتا أو حانوتا، إلا أن يدعى إلى صبيان بأعيانهم، فقد تقدم قول سحنون في كراء ذلك أنه على الصبيان. فإذا كان بيت المعلم لهم - إذ هم بأعيانهم - فبناؤه عليهم، أو يتخذوا مكانا غيره؛ وليس على المعلم من ذلك شيء. إنما على المعلم المكان، إذا كان يعلم لعامة الناس. [68-أ] وأما شركة المعلمين والثلاثة والأربعة، فهي جائزة إلا إذا كانوا في مكان واحد، وإن كان بعضهم أجود تعليما من بعض؛ لأن لهم في ذلك ترافقا وتعاونا، ويمرض بعضهم فيكون السالم مكانه حتى يفيق. وإن كان بعضهم عربي القراءة، يحسن التقويم، والآخر ليس كذلك، ولكنه ليس يلحن، فلا بأس بذلك. قلت: ذلك على ما جاء عن مالك، وعن ابن القاسم في معلمين اشتركا. وقد روي عن مالك أن ذلك لا يصلح حتى يستوي علمهما، فلا يكون لأحدهما فضل على صاحبه في علمه. فإن كان أحدهما أعلم من صاحبه، لم يصلح، إلا أن يكون لأعلمهما فضل من الكسب يقدر عليه على صاحبه، وإلا لم يصلح. قال أبو الحسن: أما إذا لم يكن بين المعلمين من الاختلاف إلا أن أحدهما يعرب قراءته، والآخر لا يعربها، إلا أنه [68-ب] لا يلحن، فما في هذا ما يوجب عندي التفاضل بين أجرتيهما إذا اشتركا. وكذلك يكون أحدهما رفيع الخط، والآخر ليس بذلك، إلا أن يكتب ويتهجى. والاختلاف في هذا وشبهه متقارب في الشركة. وكذلك هذا في الصنائع وفي التجارة يكون أحدهما أعلى من الآخر فيما يحسن من ذلك، فليس لهذا فضل على الآخر في الإجارة إذا كانا شريكين، ولكن إذا كان أحد المعلمين يقوم بالشكل والهجاء، وعلم العربية، والشعر، والنحو، والحساب، والأشياء التي لو انفرد معلم القرآن بجمع علومها لجاز أن يشترط عليه تعليمها مع تعليم القرآن، من قبل أنها مما يعين على ضبط القرآن، وحسن المعرفة، فهذا إن شارك من لا يحسن إلا قراءة القرآن والكتاب، فهو الذي تكون الإجارة [69-أ] بينهما متفاضلة على هذه الرواية، على قدر علم كل واحد منهما. وأما لو أن أحدهما يستأجر ليعلم النحو والشعر والحساب وما أشبه ذلك، والآخر يستأجر على تعليم القرآن والكتاب، ما صلحت هذه الشركة، على مذهب ابن القاسم، وعلى قول من يكره الإجارة على تعليم غير القرآن والكتاب. [فافهم، فقد] بينت لك ذلك ليردع عنه من يحب أن يأكل حلالا طيبا.

وسألت هل للصبيان الصغار، أو الكبار البالغين، أن يقرءوا في سورة واحدة وهم جماعة على وجه التعليم؟ فإن كنت تريد يفعلون ذلك عند المعلم، فينبغي على المعلم أن ينظر فيما هو أصلح لتعلمهم، ليأمرهم به، ويأخذ عليهم فيه؛ لأن اجتماعهم في القراءة بحضرته يخفي عنه قوي الحفظ من الضعيف. ولكن إن كان على الصبيان من ذلك خفة، فيخبرهم [69-ب] أنه سيعرض كل واحد منهم في حزبه، فيؤدبه على ما كان من تقصير، تهديدا يتهددهم، ولا يوقع الضرب لأدب، إلا عن ذنب يتبين حسب ما تقدم قبل هذا.

وأما إمساك الصبيان المصاحف، وهم على غير وضوء، فلا يفعلوا ذلك؛ وليس كالألواح. وما في نهيهم عن مس المصاحف الجامعة - وهم على غير وضوء - خلاف من مالك، ولا ممن يقول بقوله. ورأى سحنون أن على المعلم أن يأمرهم ألا يمسوا المصحف إلا وهم على وضوء، حتى يعلموه. وهو حسن صواب، كما قال سحنون؛ لأن معلمهم يعلمهم مصالح دينهم.

قد سئل مالك عن صبيان الكتاب يصلي بهم صبي لم يحتلم، قال: ما زال ذلك من شأن الصبيان وخففه. قال أبو الحسن: يريد الذين يصلون معه لم يحتلموا، ولو كان [70-أ] في صبيان الكتاب محتلم، فإن صلح للإمامة قدم، وإن لم يصلح للإمامة فلا يصلى خلف من لم يحتلم، ولا يقطع عن صبيان الكتاب عادتهم، لكي يتدرجوا على معرفة صلاة الجماعة، وليعرفوا فضلها حتى يكبروا على الرغبة فيها، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.

ذكر سؤاله عما تكون فيه الأحكام بين المعلمين والصبيان وعن أدب الرجل زوجته وولده وعبده وشكواه ولده الكبير

قال أبو الحسن: قد قدمت لك من وصف ما يطيب للمعلمين، يأخذونه من المتعلمين، ومن وصف ما ليس لهم أخذه، وما يكون نزاهة لأهل الورع منهم، ما فيه الكفاية والبيان لما سألت عنه، وفيه ما يوجب لهم في شرطهم، فإن أراد منهم أحد ترك ما دخل فيه، أو اختلفوا في [70-ب] أمر، وسعتهم الأحكام.

وسألت عن الختمة متى تجب للمعلم، وعلى أي وجه تجب له، وكيف يكون حال الصبي في حفظه ، وقراءته، وإجارته، فيستوجبها المعلم؟ قال: ووجوب الختمة للمعلم فيما سألت عنه على وجهين:

أحدهما أن يستظهر القرآن حفظا من أوله إلى آخره، فهذا الذي تجب له الختمة على نظر حاكم المسلمين، المأمون على النظر في ذلك. وتكون على قدر يسر الأب وعسره؛ وقدر ما فهمه الصبي، مما علمه المعلم، مع استظهاره للقرآن؛ وليس في ذلك حد موقت، إنما هو ما يرى أنه هو الواجب في عادات الناس في مثل هذا المعلم، بمثل هذا الصبي، وفي حال أبيه. والوجه الآخر أن يكون الصبي استكمل قراءة القرآن في المصحف نظرا، لا يخفى عليه شيء من حروفه، [71-أ] مع ما فهمه الصبي مما ينضاف إلى ذلك، من ضبط الهجاء، والشكل، وحسن الخط، فيكون الاجتهاد في الواجب لمعلم هذا الصبي أيضا، على قدر عادات الناس في أحوالهم، إلا أن المستظهر للحفظ مع ما صاحبه من حسن خط، وضبط شكل، وهجاء، وإعراب قراءة، يكون في الاجتهاد أفضل جعلا ممن لم يستظهر الحفظ، إنما قوي على تلاوة القرآن نظرا؛ وما نقص تعلم كل واحد منهما عما وصفت لك، كان الاجتهاد له فيما يجب من الجعل دون من استكمل ذلك. فعلى هذين الوجهين، يحمل ما يجب للمعلم على المتعلم إذا هو استكمل ختم القرآن. وهذا إذا لم يكن شرط المعلم للختمة جعلا مسمى. فأما إن شرط ذلك كان له ما شرط إذا حذق الصبي الوجه الذي علم من ظاهر أو نظر [71-ب] فإن نقص تعلم الصبي مما علم به، نقص من الأجر المسمى بمقدار ما نقص من تعلم الصبي، حتى ينتهي من نقص التعليم إلى أقل ما ينفعه، فيكون له بمقدار المنفعة التي له فيه. وإن كان لم يشترط للختمة شيئا مسمى، حتى يكون للمعلم فيها إذا أحذقها الصبي الاجتهاد، فنقص حذق الصبي حتى ينتهي إلى ما لا يسمى تعلما، في إجادته، ومعرفته بالهجاء والشكل، والنظر في المصحف، فبأي شيء ختم هذا؟ ما لهذا ختمة: يملى على الصبي فلا يتهجى، ويرى الحروف فلا يضبطها، ولا يستمر في قراءتها. معلم هذا قد فرط فيه، إن كان يحسن التعليم، وإن كان لا يحسن التعليم، فقد غرر. ورأي العلماء أن مثل هذا المعلم يستأهل الأدب لتفريطه فيما وليه، وتهاونه بما التزمه، وأن يمنع من التعليم؛ وهو صواب، إذا كان شأنه التفريط أو الغرور بتعليمه وهو لا يحسن. ورأي [72-أ] بعضهم أن مثل هذا المعلم لا يستأهل الإلزام، بل يستأهل اللوم، والتعنيف والغلظة والتأنيب من الإمام العدل. فإن اعتذر المعلم ببله الصبي، واختبر الصبي فوجد لذلك لا يحفظ ما علم، ولا يضبط ما فهم، فلم يحصل لهذا المعلم إلا إجارة حوزه وتأديبه، لا إجارة التعليم، إذا لم يعرف آباءه بمكانه من فقد الفهم. لأنه لو عرف أباه، فرضي له بشيء لزمه، فإذا لم يعرفه فقد غره. والمغرر لا يستأهل على تغريره جعلا ولا إحسانا. وأما الصبي علم حتى تدانى من الختمة فأراد الخروج من عند المعلم إلى معلم آخر، أو إلى صنعة، أو إلى ما أحب من الانتقال، أو مات الصبي قبل استكمال الختمة، وهو لم يسم لها جعلا مسمى، فهو عندي أصل واحد، كأن الذي بقي عليه من استكمال الختمة الثلث، أو الربع، أو أقل من ذلك [72-ب] أو أقل من السدس، فإنه يكون للمعلم عندي على أبي الصبي مما يجب على مثله في جعل ختمة ابنه، بمقدار ما انتهى؛ ثلاثة أرباع ذلك، أو خمسة أسداسه، أو أكثر، أو أقل من ذلك. ولو كان إنما علمه نصف القرآن، لوجب له حساب ذلك. وكذلك يجب عندي في الوقت للمعلم ما اشتهرت عادة وجوبه له في البلد الذي يعلم فيه مثل الجعل في

لم يكن الذين كفروا [البينة] إذا بلغها الصبي وفي

Bog aan la aqoon