199

Tarbiya Fi Islam

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Noocyada

وخلاصة هذا الرأي الجديد الذي نقول به: أن أهل السنة كانت لهم طريقة خاصة في التعليم، وللفلاسفة طريقة أخرى، وللمتصوفة طريقة ثالثة، بل أكثر من هذا أن كل مفكر له طريقة خاصة في التعليم تتلاءم مع مذهبه، وتتفق مع مجموع آرائه.

وليس هذا غريبا في شيء؛ لأن التربية تعتبر جزءا من المذهب الفلسفي النظري أو العملي الذي يتصوره ويعتقده المرء في الحياة. ومن الطبيعي أن يعمل أصحاب المذاهب المختلفة على نشر مذاهبهم وإذاعتها في الناس، وتنشئة الأجيال الجديدة عليها، بطريقة من طرق التعليم؛ لأن من طبيعة الإنسان إذا اعتقد الحق أن يذيعه في الناس، ويحملهم على المشاركة فيه.

وهذا ما فعله أفلاطون قديما، حين تكلم في جمهوريته عن التربية ليطبع الناس على آرائه، ويصلح المجتمع.

وهذا ما فعله روسو، وسبنسر وغيرهما.

أي أن صاحب الفكر الجديد إذا أراد أن يضمن لآرائه الذيوع بين الناس، بطريقة عملية تحمل الناس على اعتناق آرائه، فإنه يصف طريقة التعليم الملائمة لهذه الآراء.

والتعليم الذي يذكره القابسي في رسالته، جزء من مذهب أهل السنة وعقيدتهم الإسلامية، والرسالة تبين الطريقة التي رأى أهل السنة أن يتبعوها في التريبة، لتعليم الأجيال الناشئة على مذهبهم، حتى يشبوا على اعتقاد آراء أصحاب الحديث، وأهل السنة.

وكان القابسي فقيها محدثا، ثقة في علوم الحديث، فهو يمثل هذا المذهب.

هذه الصلة بين القابسي وبين مذهب أهل السنة من ناحية، وبين مذهب أهل السنة وطريقة التعليم من ناحية أخرى، هي السر الذي نستطيع أن نفسر به الآراء المذكورة في رسالته.

وقد درجنا على هذا المنهج خلال ما قدمنا من بحث، والتزمنا هذه الطريقة في كل ما عالجناه، وبذلك تيسر لنا أن نفهم السر في اختلاف آراء المفكرين فيما يتصل بالتعليم.

ولما كان المعلمون في الكتاتيب هم من أهل السنة، شب الناس بالفعل على طريقتهم وتشبعت بها عقولهم، وتطبعت نفوسهم، وصعب الانصراف عنها، وأصبح المسلمون ينظرون إلى الحياة من خلال هذا المنظار. وبذلك ساد مذهب أهل السنة، وأصبح هو صاحب الغلبة في أغلب الأقطار الإسلامية.

Bog aan la aqoon