190

Tarbiya Fi Islam

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Noocyada

ونعرض قبل أن نختم هذا الفصل بما ذكره ابن خلدون، لكتاب آخر في التعليم هو (جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله) لابن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة 463ه.

وصاحب هذا الكتاب من أهل الحديث، ويتبع منهجهم في التأليف والتفكير، فهو لا يجادل ولا يسوق البراهين والأدلة، وإنما يتلمس آثار السلف، وقد ذكر المؤلف هذا المنهج في المقدمة، فقال بعد ذكر الموضوعات التي سيعرض لها ثم يجيب عنها: «مما روي عن سلف هذه الأمة، لتتبع هديهم، وتسلك سبيلهم، وتعرف ما اعتمدوا عليه من ذلك.»

49

والجزء الثاني من الكتاب دفاع عن طريقة أصحاب الحديث، وفي وجوب الأخذ بالحديث في إقامة العلم، واتباع السلف، وأن الرأي سبب في الوقوع في البدع.

فطريقة ابن عبد البر تماثل طريقة القابسي في التأليف، إلا أن القابسي أكثر حرية؛ لأنه يرجح آراء الفقهاء إذا اختلفت، ويسلك في الرواية السبيل التي تتفق مع العقل وتلائم طبيعة الأشياء، أما ابن عبد البر فيذكر الرأي ونقيضه بما ورد من أحاديث وآثار دون أن يرجح أحدهما على الآخر، مثال ذلك ما جاء في ذكر النهي عن كتابة العلم، ثم ما جاء عن الرخصة في كتابة العلم.

50

وبدأ المؤلف بالكلام عن وجوب طلب العلم معتمدا على الحديث: «طلب العلم فريضة على كل مسلم.» بعد أن خرج هذا الحديث من عدة طرق؛ ثم بين أن العلم فرض عين، ومنه فرض كفاية، وأن الأول هو معرفة أصول الإسلام، كالاعتقاد بوجود الله، والصلاة، والزكاة، والحج.

ثم استطرد إلى الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم، كالصبر والزهد في الطعام والمال والرياسة.

ونصح المؤلف أن يكون طلب العلم في الصغر؛ لأن من تعلم العلم وهو شاب كان كوشم في حجر، ومن تعلم العلم بعد ما يدخل في السن كان كالكاتب على ظهر الماء.

51 (7) ابن خلدون

Bog aan la aqoon