178

Tarbiya Fi Islam

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Noocyada

عرض ابن سينا في كتاب (السياسة)

24

لواجب الرجل نحو ولده، فبسط أحوال تعليمه وتأديبه بكلام يدل على نفاذ الفكر وصدق النظر، مما هو جدير بمقام فيلسوف الإسلام الشيخ الرئيس ابن سينا.

وآراؤه تدل على حرية شديدة في التفكير ، على العكس من ابن مسكويه الذي تقيد بآراء أفلاطون وأرسطو، وأراد أن يطبقها على البيئة الإسلامية، فخرجت لذلك مغايرة لطبيعة المسلمين. أما ابن سينا فينظر إلى البيئة الإسلامية، ويتحرى الأساليب الملائمة لها في التعليم والتهذيب، بما يتفق مع العقل السليم. «إذا فطم الصبي عن الرضاع بدئ بتأديبه ورياضة أخلاقه قبل أن تهجم عليه الأخلاق اللئيمة؛ فإن الصبي تتبادر إليه مساوئ الأخلاق، فما تمكن منه من ذلك غلب عليه فلم يستطع له مفارقة.»

هذه هي نظرية تكوين العادة وصعوبة الإقلاع عنها، وأغلب المسلمين على هذا الرأي، ولهم في ذلك حكم مأثورة مشهورة مثل: «التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.» إلى غير ذلك.

وقد رأينا القابسي أيضا ينصح بتكوين العادات الحسنة منذ الصغر، ومنها المبادرة بتعليم الصبي الصلاة. «فإذا اشتدت مفاصل الصبي، واستوى لسانه، وتهيأ للتلقين، ووعى سمعه أخذ في تعلم القرآن وصور له حروف الهجاء، ولقن معالم الدين.»

وابن سينا هنا يرجع بالذاكرة إلى نفسه حين كان صبيا صغيرا، فأحضر معلم القرآن، ولم يبلغ العاشرة من عمره حتى أتى على القرآن وعلى كثير من الأدب، كما ذكر في سيرة حياته.

فهو يريد أن ينشئ أبناء المسلمين على الصورة التي نشأ هو عليها، ولا يجد في ذلك حرجا أو مطعنا، ولهذا أقر هذه الطريقة التي تبدأ بتعليم القرآن والكتابة، كما جرت العادة في الكتاتيب.

ويرى ابن سينا: «أن يروى الصبي الرجز ثم القصيد.» وهذا الاهتمام الشديد بالشعر والنص عليه، دليل على عناية ابن سينا بالفن وأثره في النفس، وقد كان ابن سينا شاعرا نظم القصيدة العينية في النفس، وله قصيدة في المنطق. وأرجوزة في الطب، وعدة قصائد في الزهد وغير ذلك، فلا غرابة أن يحث على تعليم الشعر.

ومن رأي ابن سينا أن يكون التعليم جميعا في المكتب، لا فرديا على مؤدب خاص. وكانت عادة الأغنياء والأشراف اتخاذ المؤدبين لأولادهم. «لأن انفراد الصبي الواحد بالمؤدب أجلب لضجرهما.» «ولأن الصبي عن الصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه آنس.»

Bog aan la aqoon