Tarajim Mashahir
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Noocyada
وفي أيامه ثارت مديرية الفيوم على الحكومة، فبعث إليها وأخمد الثورة فهدأت الأحوال. ولما اختتن نجله طوسون أطلق كل من كان في السجون من المجرمين، حتى القاتلين، وفي أيامه أعطيت بلاد السودان بعض الامتيازات، وتولى عليها البرنس حليم باشا حكمدارا، وفي عام 1276ه أو 1859م توجه لزيارة سوريا، فمكث في بيروت ثلاثة أيام، ونزل ضيفا كريما على وجهاء المدينة، وكان في أثناء مروره في الطرقات ينثر الذهب على الناس.
وفي عام 1278ه أو 1861م توفي المغفور له السلطان عبد المجيد وتولى السلطان عبد العزيز، وفي يوم السبت 26 رجب عام 1279ه أو 17 يناير (ك2) 1863م توفي سعيد باشا في الإسكندرية ودفن فيها.
الفصل الخامس
إسماعيل باشا
(1) ترجمة حاله
هو إسماعيل باشا بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا الكبير، وكان لوالده ثلاثة أولاد ذكور أكبرهم البرنس أحمد (ولد عام 1825)، ثم البرنس إسماعيل (ولد عام 1830)، ثم البرنس مصطفى (ولد عام 1832)، وكان البرنس أحمد نابغة من نوابغ الزمان ذكاء وفطنة، كثير الشبه بوالده شكلا وأخلاقا، ولكنه توفي في أثمن سني حياته بين الشباب والكهولة، فأصبح صاحب الترجمة كبير أبناء إبراهيم.
وربي إسماعيل باشا في حجر والده، وتعلم وتثقف بحياطة جده؛ لأن جده رحمه الله كان قد أنشأ لأولاده الصغار، وأولاد أولاده الكبار مدرسة خصوصية في القصر العالي، فيها نخبة من مهرة الأساتذة، فتلقى صاحب الترجمة فيها مبادئ العلوم واللغات العربية، والتركية، والفارسية، ونذرا يسيرا من الرياضيات والطبيعيات، فلما بلغ السادسة عشرة من عمره بعث به جده مع ولديه المرحومين البرنسين حليم باشا، وحسين باشا، والمرحوم البرنس أحمد باشا مع إرسالية فيها نخبة من شبان مصر الأذكياء إلى مدرسة باريس يتولى رئاستهم وجيه أرمني اسمه أسطفان بك، فقضوا في تلك المدرسة بضع سنوات تلقوا بها العلوم العالية ثم عادوا إلى مصر إلا حسين بك فإن المنية أدركته هناك. ومن العلوم التي تلقاها إسماعيل اللغة الفرنساوية، والطبيعيات، والرياضيات وخصوصا الهندسة وعلى الأخص فن التخطيط والرسم، وهذا هو سبب شغفه بعد ذلك بتنظيم الشوارع وزخرفة البناء.
شكل 5-1: إسماعيل باش (ولد سنة 1830 وتولى سنة 1863 وخلع سنة 1879 وتوفي سنة 1895).
ولما عادت الإرسالية كان عباس باشا الأول واليا على مصر، فمكث إسماعيل معه على صفاء ومودة حتى وقع بين عباس باشا وسعيد باشا نفور مبني على اختلاف في اقتسام التركة، وانحاز سائر أفراد العائلة الخديوية إلى سعيد وفي جملتهم إسماعيل، فساروا كافة إلى الآستانة ورفعوا دعواهم إلى جلالة السلطان، فصدرت الإرادة الشاهانية بإنفاذ المرحوم فؤاد باشا الصدر الأعظم، وكان يومئذ فؤاد أفندي وجودت أفندي وهو جودت باشا الوزير والمؤلف الشهير إلى مصر فأتيا وسويا الخلاف، وتصالح أفراد هذه العائلة الكريمة فعادوا إلى مصر إلا إسماعيل فإنه بقي في الآستانة وتعين عضوا في مجلس أحكام الدولة العلية.
وفي سنة 1854 توفي عباس باشا الأول، وتولى عمه سعيد باشا، فعاد صاحب الترجمة إلى مصر فولاه عمه المشار إليه رئاسة لمجلس الأحكام، فاهتم بشأنه أعظم اهتمام ونظمه على مثال مجلس أحكام الدولة العلية.
Bog aan la aqoon