مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ إلامام الحافظ مفتي الشام تقي الدين أبو عمر عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان ابن موسى بن أبي نصر النصري الشهرزوري الشافعي المعروف بابن الصلاح عليه الرحمة:
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا.
الحمد لله الهادي من استهداه الواقي من اتقاه الكافي من تحرى رضاه حمدا بالغا أمد التمام ومنتهاه.
والصلاة والسلام إلاتمان إلاكملان على نبينا والنبيين وآل كل ما رجا راج مغفرته ورحماه آمين.
هذا: وإن علم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة وأنفع الفنون النافعة يحبه
_________
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أعن ويسر ﷺ.
والحمد لله الذي ألهم لإيضاح ما أبهم وأفهم إلى إلاصطلاح ولو شاء لم نفهم وأشهد أن لا إله إلا الله الكاشف لما ينوب من الخطوب ويدهم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من أنجد وأتهم وأعدل من أنقذ وأسهم وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.
فإن أحسن ما صنف أهل الحديث في معرفة إلاصطلاح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح جمع فيه غرر الفوائد فأوعى ودعى له زمر الشوارد فأجابت طوعا إلا أن فيه غير موضع قد خولف فيه وأماكن أحز تحتاج إلى تقييد وتنبيه فأردت أن أجمع عليه نكتا تقيد مطلقه وتفتح مغلقه وقد أورد عليه غير واحد من المتأخرين إيرادات
1 / 11
ذكور الرجال وفحولتهم ويعنى به محققو العلماء وكملتهم ولا يكرهه من الناس إلا رذالتهم وسفلتهم. وهو من أكثر العلوم تولجا في فنونها لا سيما الفقه الذي هو إنسان عيونها. ولذلك كثر غلط العاطلين منه من مصنفي الفقهاء وظهر الخلل في كلام المخلين به من العلماء.
ولقد كان شأن الحديث فيما مضى عظيما عظيمة جموع طلبته رفيعة مقادير
_________
ليست بصحيحة فرأيت أن أذكرها وأبين تصويب كلام الشيخ وترجيحه لئلا يتعلق بها من لا يعرف مصطلحات القوم ويتفق من مزجى البضاعات ما لا يصلح للسوم وقد كان الشيخ إلامام العلامة علاء الدين مغلطاى أوقفنى على شئ جمعه عليه سماه إصلاح ابن الصلاح وقرأ من لفظه موضعا منه ولم أر كتابه المذكور بعد ذلك وأيضا قد اختصره جماعة وتعقبوه في مواضع منه فحيث كان إلاعتراض عليه غير صحيح ولا مقبول ذكرته بصيغة اعترض عليه على البناء للمفعول.
وقد أخبرنى بكتاب ابن الصلاح المذكور الشيخان إلامامان الحافظان البارعان صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدى العلائى وبهائى الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن خليل إلاموى بقراءتى على الثانى لجميع الكتاب وسماعا على إلاول لبعض الكتاب وإجازة باقيه قإلا أنا بجميعه محمد بن يوسف بن المهتار الدمشقى قال أخبرنا بمؤلفه الشيخ إلامام تقى الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الشهرزورى ﵀ قراءة عليه في الخامسة من عمرى وسميته التقييد وإلايضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح والله أسأل أستعين أن يوفق لإكماله ويعين وأن لا يجعل ما علمنا من العلم علينا وبإلا ويجعله خالصا لوجهه ﵎ إنه على ما يشاء قدير وبإلاجابة جدير.
قوله ويعنى به محققو العلماء وكملتهم هو بضم الياء وفتح النون على البناء للمفعول وعليه اقتصر صاحبا الصحاح والمحكم وحكى الهروى في الغبريين أنه استعمل على البناء للفاعل أيضا فيقال عنى بكذا يعنى به وحكاه المطرزى أيضا وأنشد عليه عان بأخراها طويل الشغل قال والمبنى للمفعول أفصح.
1 / 12
حفاظه وحملته. وكانت علومه بحياتهم حية وأفنان فنونه ببقائهم غضة ومغانيه بأهله آهلة فلم يزالوا في انقراض ولم يزل في اندراس حتى آضت به الحال إلى أن صار أهله إنما هم شرذمة قليلة العدد ضعيفة العدد لا تغني على إلاغلب في تحمله بأكثر من سماعه غفلا ولا تعنى في تقييده بأكثر من كتابته عطلا مطرحين علومه التي بها جل قدره مباعدين معارفه التي بها فخم أمره.
فحين كاد الباحث عن مشكله لا يلفي له كاشفا والسائل عن علمه لا يلقى به عارفا من الله الكريم ﵎ علي وله الحمد أن أجمع بكتاب معرفة أنواع علوم الحديث هذا الذي باح بأسراره الخفية وكشف عن مشكلاته إلابية وأحكم معاقده وأقعد قواعده وأنار معالمه وبين أحكامه وفصل أقسامه وأوضح أصوله وشرح فروعه وفصوله وجمع شتات علومه وفوائده وقنص ٥ شوارد نكته وفوائده.
فالله العظيم الذي بيده الضر والنفع وإلاعطاء والمنع أسأل وإليه أضرع وأبتهل متوسلا إليه بكل وسيلة متشفعا إليه بكل شفيع أن يجعله مليا بذلك وأملى وفيا بكل ذلك وأوفي. وأن يعظم إلاجر والنفع به في الدارين إنه قريب
_________
قوله جعله الله مليا بذلك وأملى وفيا بكل ذلك وأوفي استعمل المصنف هنا مليا وأملى بغير همز على التخفيف وكتبه بالياء المناسبة قوله وفيا وأوفي وإلا فإلاول مهموز من قولهم ملوء الرجل بضم اللام وبالهمز أي صار مليئا أى ثقه وهو ملئ بين الملاء والملاءة ممدودان قاله الجوهرى.
1 / 13
مجيب. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
وهذه فهرسة أنواعه:
فإلاول منها: معرفة الصحيح من الحديث
الثاني: معرفة الحسن من الحديث
الثالث: معرفة الضعيف من الحديث
الرابع: معرفة المسند
الخامس: معرفة المتصل
السادس: معرفة المرفوع
السابع: معرفة الموقوف
الثامن: معرفة المقطوع وهو غير المنقطع
التاسع: معرفة المرسل
العاشر: معرفة المنقطع
الحادي عشر: معرفة المعضل ويليه تفريعات منها في الإسناد المعنعن ومنها في التعليق
الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس
الثالث عشر: معرفة الشاذ
الرابع عشر: معرفة المنكر
الخامس عشر: معرفة إلاعتبار والمتابعات والشواهد
السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها
السابع عشر: معرفة إلافراد
الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل
التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث
العشرون: معرفة المدرج في الحديث
الحادي والعشرون: معرفة الحديث الموضوع
1 / 14
الثاني والعشرون: معرفة المقلوب.
الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته.
الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وفيه بيان أنواع الإجازة وأحكامها وسائر وجوه إلاخذ والتحمل وفيه علم جم.
الخامس والعشرون: معرفة كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده وفيه معارف مهمة رائقة.
السادس والعشرون: معرفة كيفية رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك وفيه كثير من نفائس هذا العلم.
السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث.
الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث.
التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل.
الموفي ثلاثين: معرفة المشهور من الحديث.
الحادي والثلاثون: معرفة الغريب والعزيز من الحديث.
الثاني والثلاثون: معرفة غريب الحديث.
الثالث والثلاثون: معرفة المسلسل.
الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه.
الخامس والثلاثون: معرفة المصحف من أسانيد إلاحاديث ومتونها.
السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث.
السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل إلاسانيد.
الثامن والثلاثون: معرفة المراسيل الخفي إرسالها.
1 / 15
التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة ﵃.
الموفي أربعين: معرفة التابعين ﵃.
الحادي وإلاربعون: معرفة أكابر الرواة عن إلاصاغر.
الثاني وإلاربعون: معرفة المدبج وما سواه من رواية إلاقران بعضهم عن بعض.
الثالث وإلاربعون: معرفة إلاخوة وإلاخوات من العلماء والرواة.
الرابع وإلاربعون: معرفة رواية إلاباء عن إلابناء.
الخامس وإلاربعون: عكس ذلك: معرفة رواية إلابناء عن إلاباء.
السادس وإلاربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباعد ما بين وفاتيهما.
السابع وإلاربعون: معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد.
الثامن وإلاربعون: معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة.
التاسع وإلاربعون: معرفة المفردات من أسماء الصحابة والرواة والعلماء.
الموفي خمسين: معرفة إلاسماء والكنى.
الحادي والخمسون: معرفة كنى المعروفين بإلاسماء دون الكنى.
الثاني والخمسون: معرفة ألقاب المحدثين.
الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف.
الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق.
الخامس والخمسون: نوع يتركب من هذين النوعين.
السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين في إلاسم والنسب المتمايزين بالتقديم والتأخير في إلابن وإلاب.
السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم.
1 / 16
الثامن والخمسون: معرفة إلانساب التي باطنها على خلاف ظاهرها.
التاسع والخمسون: معرفة المبهمات.
الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة في الوفيات وغيرها.
الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من الرواة.
الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات.
الثالث والستون: معرفة طبقات الرواة والعلماء.
الرابع والستون: معرفة الموالي من الرواة والعلماء.
الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم.
وذلك آخرها وليس بآخر الممكن في ذلك فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى إذ لا تحصى أحوال رواة الحديث وصفاتهم ولا أحوال متون الحديث وصفاتها وما من حالة منها ولا صفة إلا وهي بصدد أن تفرد بالذكر وأهلها فإذا هي نوع على حياله ولكنه نصب من غير أرب وحسبنا الله ونعم الوكيل
1 / 17
النوع إلاول من أنواع علوم الحديث: معرفة الصحيح من الحديث
اعلم علمك الله وإياي أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف:
_________
النوع إلاول: معرفة الصحيح
قوله اعلم علمك الله وإياي أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف. انتهى.
وقد اعترض عليه بأمرين أحدهما أن في الترمذي مرفوعا: "إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه" الاولى أن يقول علمنا الله وإياك انتهى ما اعترض به هذا المعترض
والحديث الذي ذكره من عند الترمذي ليس هكذا وهو حديث أبى بن كعب أن رسول الله ﷺ كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه ثم قال هذا حديث حسن غريب صحيح ورواه أبو داود أيضا ولفظه كان رسول الله ﷺ إذا دعا بدأ بنفسه وقال رحمة الله علينا وعلى موسى الحديث
ورواه النسائى أيضا في سننه الكبرى وهو عند مسلم أيضا كما سيأتي فليس فيه ما ذكره من أن كل داع يبدأ بنفسه وإنما هو من فعله ﷺ لا من قوله وإذا كان كذلك فهو مقيد بذكره ﷺ نبيا من إلانبياء كما ثبت في صحيح مسلم في حديث أبى الطويل في قصة موسى مع الخضر وفيه قال وكان إذا ذكر أحدا من إلانبياء بدأ بنفسه رحمة الله علينا وعلى أخى وكذا رحمة الله علينا الحديث
فأما دعاؤه لغير إلانبياء فلم ينقل أنه كان يبدأ بنفسه كقوله ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في قصة زمزم قال ابن عباس قال النبي ﷺ: "يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا"
1 / 18
................................................................................
_________
وفي الصحيحين من حديث عائشة رضى الله عنها (سمع رسول الله ﷺ رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال يرحمه الله) الحديث
وفي رواية للبخارى إن الرجل هو عباد بن بشر وللبخارى من حديث سلمة ابن إلاكوع: "من السائق؟ " قالوا عامر قال: "يرحمة الله" الحديث
فظهر بذلك أن بدأه بنفسه في الدعاء وكان فيما إذا ذكر نبيا من إلانبياء كما تقدم على أنه قد دعا لبعض إلانبياء ولم يذكر نفسه معه وذلك في الحديث المتفق على صحته من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال (قال رسول الله ﷺ: "يرحم الله لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد" الحديث
وفي الصحيحين أيضا من حديث ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعا "يرحم الله موسى لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر"
إلامر الثانى أن ما نقله عن أهل الحديث من كون الحديث ينقسم إلى هذه إلاقسام الثلاثة ليس بجيد فإن بعضهم يقسمه إلى قسمين فقط صحيح وضعيف وقد ذكر المصنف هذا الخلاف في النوع الثانى في التاسع من التفريعات المذكورة فيه فقال من أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن ويجعله مندرجا في أنواع الصحيح لاندراجه في أنواع ما يحتج به قال وهو الظاهر من كلام أبى عبد الله الحاكم في تصرفاته إلى آخر كلامه فكان ينبغى إلاحتراز عن هذا الخلاف هنا
والجواب أن ما نقله المصنف عن أهله الحديث قد نقله عنهم الخطابى في خطبة معالم السنن فقال اعلموا أن الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام حديث صحيح وحديث حسن وحديث سقيم ولم أر من سبق الخطابى إلى تقسيمه ذلك وإن كان في كلام المتقدمين ذكر الحسن وهو موجود في كلام الشافعي رضى الله عنه والبخاري وجماعة ولكن الخطابى نقل التقسيم عن أهل الحديث وهو إمام ثقة فتبعه المصنف على ذلك هنا ثم حكى الخلاف في الموضع الذي ذكره فلم يهمل حكاية الخلاف والله أعلم
1 / 19
أما الحديث الصحيح: فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا.
وفي هذه إلاوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ وما فيه علة قادحة وما في راويه نوع جرح. وهذه أنواع يأتي ذكرها إن شاء الله ﵎.
فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث.
_________
"قوله" أما الحديث الصحيح فهو المسند الذي يتصل إسناده إلى آخر كلامه اعترض عليه بأن من يقبل المرسل لا يشترط أن يكون مسندا وأيضا اشتراط سلامته من الشذوذ والعلة إنما زادها أهل الحديث كما قاله ابن دقيق العيد في إلاقتراح قال وفي هذين الشرطين نظر على مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجرى على أصول الفقهاء قال ومن شرط الحد أن يكون جامعا مانعا.
والجواب أن من يصنف في علم الحديث إنما يذكر الحد عند أهله لا من عند غيرهم من أهل علم آخر.
وفي مقدمة مسلم أن المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بإلاخبار وليس بحجة وكون الفقهاء وإلاصوليين لا يشترطون في الصحيح هذين الشرطين لا يفسد الحد عند من يشترطهما على أن المصنف قد احترز عن خلافهم وقال بعد أن فرغ من الحد وما يحترز به عنه فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث.
وقد يختلفون في صحة بعض إلاحاديث لاختلافهم في وجود هذه إلاوصاف فيه أو لاختلافهم في اشتراط بعض هذه إلاوصاف كما في المرسل انتهى كلامه فقد احترز المصنف عما اعترض به عليه فلم يبق للاعتراض وجه والله اعلم.
"وقوله" بلا خلاف بين أهل الحديث إنما قد نفي الخلاف بأهل الحديث لأن غير أهل الحديث قد يشترطون في الصحيح شروطا زائدة على هذه كاشتراط العدد في الرواية كما في الشهادة فقد حكاه الحازمى في شروط إلائمة عن بعض متأخرى.
1 / 20
وقد يختلفون في صحة بعض إلاحاديث لاختلافهم في وجود هذه إلاوصاف فيه أو: لاختلافهم في اشتراط بعض هذه إلاوصاف كما في المرسل.
ومتى قالوا: هذا حديث صحيح فمعناه: أنه اتصل سنده مع سائر إلاوصاف المذكورة. وليس من شرطه أن يكون مقطوعا به في نفس إلامر إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد وليس من إلاخبار التي أجمعت إلامة على تلقيها بالقبول.
وكذلك إذا قالوا في حديث: إنه غير صحيح فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس إلامر إذ قد يكون صدقا في نفس إلامر وإنما المراد به: أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور والله أعلم.
_________
المعتزلة على أنه قد حكى أيضا عن بعض أصحاب الحديث قال البيهقي في رسالته إلى أبى محمد الجوينى رحمهما الله رأيت في الفصول التي أملاها الشيخ خرسه الله تعالى حكاية عن بعض أصحاب الحديث أنه يشترط في قبول إلاخبار أن يروى عدلان عن عدلين حتى يتصل مثنى مثنى برسول الله ﷺ ولم يذكره قائله إلى آخر كلامه وكأن البيهقي رآه في كلام أبى محمد الجوينى فنبهه على أنه لا يعرف عن أهل الحديث والله أعلم.
"وقوله" وقد يختلفون في صحة بعض إلاحاديث لاختلافهم في وجود هذه إلاوصاف فيه انتهى يريد بقوله هذه إلاوصاف أى أوصاف القبول التي ذكرها في حد الصحيح وإنما نبهت على ذلك وإن كان واضحا لأنى رأيت بعضهم قد اعترض عليه فقال إنه يعنى إلاوصاف المتقدمة من إرسال وانقطاع وعضل وشذوذ وشبهها قال وفيه نظر من حيث إن أحدا لم يذكر أن المعضل والشاذ والمنقطع صحيح وهذا إلاعتراض ليس بصحيح فإنه إنما أراد أوصاف القبول كما قدمته وعلى تقدير أن يكون أراد ما زعم فمن يحتج بالمرسل لا يتقيد بكونه أرسله التابعى بل لو أرسله أتباع التابعين احتج به وهو عنده صحيح وإن كان معضلا وكذلك من يحتج بالمرسل يحتج بالمنقطع بل المنقطع والمرسل عند المتقدمين واحد وقال أبو يعلى الخليلى في إلارشاد إن الشاذ ينقسم إلى صحيح ومردود فقول هذا المعترض إن أحدا لا يقول في الشاذ إنه صحيح مردود بقول الخليلى المذكور والله أعلم.
1 / 21
فوائد مهمة
إحداها:الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه كما سبق ذكره. ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك.
ثم إن درجات الصحيح تتفاوت في القوة بحسب تمكن الحديث من الصفات المذكورة التي تبتنى الصحة عليها. وتنقسم باعتبار ذلك إلى أقسام يستعصي إحصاؤها على العاد الحاصر.
ولهذا نرى إلامساك عن الحكم لإسناد أوحديث بأنه الأصح على الإطلاق. على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك فاضطربت أقوالهم.
فروينا عن إسحاق بن راهويه أنه قال: أصح إلاسانيد كلها: الزهري عن سالم عن أبيه. وروينا نحوه عن أحمد بن حنبل.
وروينا عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال: أصح إلاسانيد: محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي.
وروينا نحوه عن علي بن المديني. روي ذلك عن غيرهما ثم منهم من عين الراوي عن محمد وجعله أيوب السختياني. ومنهم من جعله ابن عون.
_________
"قوله" على أن جماعة من أهل الحديث خاضوا غمرة ذلك فاضطربت أقوالهم فذكر الخلاف في أصح إلاسانيد إلى آخر كلامه اعترض عليه بأن الحاكم وغيره ذكروا أن هذا بالنسبة إلى إلامصار أو إلى إلاشخاص وإذا كان كذلك فلا يبقى خلاف بين هذه إلاقوال انتهى كلام المعترض وليس بجيد لأن الحاكم لم يقل إن الخلاف مقيد بذلك بل قال لا ينبغى أن يطلق ذلك وينبغى أن يقيد بذلك فهذا لا ينفي الخلاف المتقدم وأيضا ولو قيدناه بإلاشخاص فالخلاف موجود فيقال أصح أسانيد على كذا وقيل كذا وقيل كذا وأصح أسانيد ابن عمر كذا وقيل كذا فالخلاف موجود والله أعلم.
1 / 22
وفيما نرويه عن يحيى بن معين أنه قال: أجودها: إلاعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله.
وروينا عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: أصح إلاسانيد كلها: الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي.
وروينا عن أبي عبد الله البخاري صاحب الصحيح أنه قال: أصح إلاسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر. وبنى إلامام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي على ذلك: أن أجل إلاسانيد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
واحتج بإجماع أصحاب الحديث على أنه: لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي ﵃ أجمعين والله أعلم.
الثانية: إذا وجدنا فيما نروي من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته فقد تعذر في
_________
"قوله" إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرهما حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شئ من مصنفات أهل الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على حزم الحكم بصحته فقد تعذر في هذه إلاعصار إلاستقلال بادراك الصحيح بمجرد اعتبار إلاسانيد إلى آخر كلامه وقد خالفه في ذلك الشيخ محيى الدين النووى فقال وإلاظهر عندى جوازه لمن تمكن وقويت معرفته. انتهى كلامه.
وما رجحه النووى هو الذي عليه عمل أهل الحديث فقد صحح جماعة من المتأخرين أحاديث لم نجد لمن نقدمهم فيها تصحيحا فمن المعاصرين لابن الصلاح أبو الحسن على بن محمد بن عبد الملك بن القطان صاحب كتاب بيان الوهم وإلايهام وقد صحح في كتابه المذكور عدة أحاديث منها حديث ابن عمر أنه كان يتوضأ ونعلاه
1 / 23
هذه إلاعصار إلاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار إلاسانيد لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط وإلاتقان. فآل إلامر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى إلاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتدة المشهورة التي يؤمن
_________
في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك كان رسول الله ﷺ يفعل أخرجه أبو بكر البزار في مسنده وقال ابن القطان إنه حديث صحيح ومنها حديث أنس بن مالك رضى الله عنه كان أصحاب رسول الله ﷺ ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة رواه هكذا قاسم بن أصبغ وصححه ابن القطان فقال وهو كما ترى صحح وتوفي ابن القطان هذا هو على قضاء سجلماسة من المغرب سنة ثمان وعشرين وستمائة ذكره ابن إلابار في التكملة.
وممن صحح أيضا من المعاصرين له الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسى جمع كتابا سماه المختارة التزم فيه الصحة وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها فيما أعلم وتوفي الضياء المقدسى في السنة التي مات فيها ابن الصلاح سنة ثلاث وأربعين وستمائة وصحح الحافظ زكى الدين عبد العظيم بن عبد القوى المنذرى حديثا في جزء له جمع فيه ما ورد فيه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وتوفي الزكى عبد العظيم سنة ست وخمسين وستمائة.
ثم صحح الطبقة التي تلي هذه أيضا فصحح الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطى حديث جابر مرفوعا "ماء زمزم لما شرب له" في جزء جمعه في ذلك أورده من رواية عبد الرحمن بن أبى الموال عن محمد بن المنكدر عن جابر ومن هذه الطريق رواه البيهقي وفي شعب إلايمان وإنما المعروف رواية عبد الله بن المؤمل عن ابن المنكدر كما رواه ابن ماجه وضعفه النووى وغيره من هذا الوجه وطريق ابن عباس أصح من طريق جابر ثم صححت الطبقة التي تلي هذه وهم شيوخا فصحح الشيخ تقى الدين السبكى حديث ابن عمر في الزيارة في تصنيفه المشهور كما أخبرنى به ولم يزل ذلك دأب من بلغ أهلية ذاك منهم إلا أن منهم من لا يقبل ذاك منهم وكذا كان المتقدمون وبما صحح بعضهم شيئا فأنكر عليه تصحيحه والله أعلم.
1 / 24
فيها لشهرتها من التغيير والتحريف وصار معظم المقصود بما يتداول من إلاسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه إلامة زادها الله تعالى شرفا آمين.
الثالثة: أول من صنف الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم. وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري من أنفسهم. ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه يشاركه في أكثر شيوخه
وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز.
وأما ما روينا عن الشافعي ﵁ من أنه قال: ما أعلم في إلارض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم ثم إن كتاب البخاري أصح الكتابين صحيحا وأكثرهما فوائد.
_________
"قوله" أول من صنف الصحيح البخاري انتهى اعترض عليه بأن مالكا صنف الصحيح قبله والجواب أن مالكا ﵀ لم يفرد الصحيح بل أدخل فيه المرسل والمنقطع والبلاغات ومن بلاغاته أحاديث لا تعرف كما ذكره ابن عبد البر فلم يفرد الصحيح إذا والله أعلم.
"قوله" وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج انتهى كلامه اعترض عليه بقول أبى الفضل أحمد بن سلمة كنت مع مسلم بن الحجاج في تأليف هذا الكتاب سنة خمس ومائتين هكذا رأيته بخط الذي اعترض على ابن الصلاح سنة خمس ومائتين فقط وأراد بذلك أن تصنيف مسلم لكتابه قديم فلا يكون تاليا لكتاب البخاري وقد تصحف التاريخ عليه وإنما هو سنة خمسين ومائتين بزيادة الياء والنون وذلك باطل قطعا لأن مولد مسلم ﵀ سنة أربع ومائتين بل البخاري لم يكن في التاريخ المذكور وصنف فضلا عن مسلم فإن بينهما في العمر عشر سنين ولد البخاري سنة أربع وتسعين ومائة.
1 / 25
وأما ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي عبد الله الحافظ من أنه ١٢ قال: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج. فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري إن كان المراد به: أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من إلاشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح فهذا لا بأس به. وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري.
وإن كان المراد به: أن كتاب مسلم أصح صحيحا فهذا مردود على من يقوله. والله أعلم.
الرابعة: لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما ولا التزما ذلك فقد روينا عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لملال الطول.
وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا يعني في كتابه الصحيح إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه قلت: أراد والله أعلم أنه لم يضع في كتابه إلا إلاحاديث التي وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم.
_________
قوله فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسدودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من إلاشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح انتهى.
قلت قد روى مسلم بعد الخطبة في كتاب الصلاة بإسناده الى يحيى بن أبى كثير أنه قال لا يستطاع العلم براحة الجسم فقد مزجه بغير إلاحاديث ولكنه نادر جدا بخلاف البخاري والله اعلم.
1 / 26
ثم إن أبا عبد الله بن إلاخرم الحافظ قال: قل ما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت من الحديث. يعني في كتابيهما.
ولقائل أن يقول: ليس ذلك بالقليل فإن المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله كتاب كبير يشتمل مما فاتهما على شيء كثير وإن يكن عليه في بعضه مقال فإنه يصفو له منه صحيح كثير. وقد ١٣ قال البخاري: أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح.
وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة إلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بإلاحاديث المتكررة. وقد قيل: إنها بإسقاط المكررة أربعة إلاف حديث. إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين. وربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين.
ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه
_________
"قوله" وجملة ما في كتابه الصحيح يعنى البخاري سبعة إلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بإلاحاديث المكررة انتهى هكذا أطلق ابن الصلاح عدة أحاديثه والمراد بهذا العدد الرواية المشهورة وهى رواية محمد بن يوسف الفربرى فأما رواية حماد بن شاكر فهى دونها بمائتى حديث وأنقص الروايات رواية إبراهيم بن معقل فإنها تنقص عن رواية الفربرى ثلاثمائة حديث.
ولم يذكر ابن الصلاح عدة أحاديث مسلم وقد ذكرها النووى من زياداته في التقريب والتيسير فقال إن عدة أحاديثه نحو أربعة إلاف بإسقاط المكرر انتهى ولم يذكر عدته بالمكرر وهو يزيد على عدة كتاب البخاري لكثرة طرقه وقد رأيت عن أبى الفضل أحمد بن سلمة أنه اثنا عشر ألف حديث.
"قوله" ثم ان الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشتهرة لأئمة الحديث كأبى داود الترمذي والنسائى وابن خزيمة والدارقطنى وغيرهم منصوصا على صحته فيها انتهى كلامه.
ولا يشترط في معرفة الصحيح الزائد على ما في الصحيحين أن ينص إلائمة المذكورون
1 / 27
أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث: كأبي داود السجستاني وأبي عيسى الترمذي وأبي عبد الرحمن النسائي وأبي بكر بن خزيمة وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم. منصوصا على صحته فيها ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودا في كتاب أبي داود وكتاب الترمذي وكتاب النسائي وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة. وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم ككتاب أبي عوانة إلاسفرائيني وكتاب أبي بكر إلاسماعيلي وكتاب أبي بكر البرقاني وغيرها من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين. وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله الحميدي.
_________
وغيرهم على صحتها في كتبهم المعتمدة المشتهرة كما قيده المصنف بل لو نص أحد منهم على صحته بالإسناد الصحيح كما في سؤإلات يحيى بن معين وسؤإلات إلامام أحمد وغيرهما كفي ذلك في صحته وهذا واضح وإنما قيده المصنف بتنصيصهم على صحته في كتبهم المشتهرة بناء على اختياره المتقدم أنه ليس لأحد أن يصح في هذه إلاعصار فلا يكفي على هذا وجود التصحيح بلإسناد صحيح كما لا يكفي في التصحيح بوجود أصل الحديث بإسناد صحيح.
ولكن قد تقدم أن اختياره هذا خالفه فيه النووى وغيره من أهل الحديث فإن العمل على خلافه كما تقدم والله أعلم.
"وقوله" ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم ككتاب أبى عوانة إلاسفراينى وكتاب أبى بكر إلاسماعيلى وكتاب أبى بكر البرقانى وغيرها من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله الحميدي انتهى كلامه وهو يقتضى أن ما وجد من الزيادات على الصحيحين في كتاب الحميدي يحكم بصحته وليس كذلك لأن المستخرجات المذكورة قد رووها بأسانيدهم الصحيحة فكانت الزيادات التي تقع فيها صحيحة لوجودها بإسناد صحيح في كتاب مشهور على رأي
1 / 28
واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين وجمع ذلك في كتاب سماه المستدرك أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين: مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما أو على شرط البخاري وحده أو على شرط مسلم وحده وما أدى اجتهاده إلى تصحيحه وإن لم يكن على شرط واحد منهما وهو واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به. فإلاولى أن نتوسط في أمره فنقول: ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من إلائمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه.
_________
المصنف وأما الذي زاده الحميدي في الجمع بين الصحيحين فإنه لم يروه بإسناده حتى ينظر فيه ولا أظهر لنا اصطلاحا أنه يزيد فيه زوايد التزم فيها الصحة فيقلد فيها وإنما جمع بين كتابين وليست تلك الزيادات في واحد من الكتابين فهى غير مقبولة حتى توجد في غيره بإسناد صحيح والله أعلم.
وقد نص المصنف بعد هذا في الفائدة الخامسة التي تلي هذه أن من نقل شيئا من زيادات الحميدي عن الصحيحين أو أحدهما فهو مخطئ وهو كما ذكر فمن أنزله أن تلك الزيادات محكوم بصحتها بلا مستند فالصواب ما ذكرناه والله أعلم.
"قوله" واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين وجمع ذلك في كتاب سماه المستدرك أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما الى آخر كلامه فيه أمران أحدهما أن قوله أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين لبس كذلك فقد أودعه أحاديث مخرجه في الصحيح وهما منه في ذلك وهى أحاديث كثيرة منها حديث أبى سعيد الخدرى مرفوعا "لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن" الحديث رواه الحاكم في مناقب أبى سعيد الخدرى وقد أخرجه مسلم في صحيحه.
وقد بين الحافظ أبو عبد الله الذهبى في مختصر المستدرك كثيرا من إلاحاديث
1 / 29
ويقاربه في حكمه صحيح أبي حاتم بن حبان البستي ﵏ أجمعين. والله أعلم.
الخامسة: الكتب المخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم رضي الله
_________
التي أخرجها في المستدرك وهى في الصحيح. إلامر الثانى أن قوله مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما فيه بيان أن ما هو على شرطهما هو مما أخرجا عن رواته في كتابيهما ولم يرد الحاكم ذلك فقد قال في خطبة كتابه المستدرك وأنا أستعين الله تعالى على اخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج مثلها الشيخان أو أحدهما فقول الحاكم بمثلهما أى بمثل رواتها لابهم أنفسهم ويحتمل أن يراد بمثل تلك إلاحاديث وفيه نظر.
ولكن الذي ذكره المصنف هو الذي فهمه ابن دقيق العيد من عمل الحاكم فإنه ينقل تصحيح الحاكم لحديث وأنه على شرط البخاري مثلا ثم يعترض عليه بأن فيه فلانا ولم يخرج له البخاري وهكذا فعل الذهبى في مختصر المستدرك ولكن ظاهر كلام الحاكم المذكور مخالف لما فهموه عنه والله أعلم.
"قوله" عند ذكر تساهل الحاكم فإلاولى أن تتوسط في أمره فنقول ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من إلائمة ان لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه انتهى كلامه.
وقد تعقبه بعض من اختصر كلامه وهو مولانا قاضى القضاه بدر الدين بن جماعة فقال إنه يتتبع ويحكم عليه بما يليق بحاله من الحسن أو الصحة أو الضعف وهذا هو الصواب.
إلا أن الشيخ أبا عمرو ﵀ رأيه أنه قد انقطع التصحيح في هذه إلاعصار فليس لأحد أن يصحح فلهذا قطع النظر عن الكشف عليه والله أعلم.
"قوله" ويقاربه في حكمه صحيح أبى حاتم بن حبان البستى انتهى.
وقد فهم بعض المتأخرين من كلامه ترجيح كتاب الحاكم على كتاب ابن حبان فاعترض على كلامه هذا بأن قال أما صحيح ابن حبان فمن عرف شرطه واعتبر كلامه
1 / 30