والأمر في ذلك محتمل ولا تبتغي عليه فائدة (١).
- الفرع الثاني: أجاز مالك والشافعي استعمال اللفظ الواحد في معنيين فأكثر في حالة واحدة، ومنعه قوم، وذلك كالمشترك، يطلق على معنيين، وكالحقيقة والمجاز يجمع بينهما في اللفظ، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: الآية ٥٦]، لأن الصلاة من اللَّه الرحمة، ومن الملائكة الدعاء، وقد استعمل في المعنيين معًا (٢).
- الفرع الثالث: إذا ورد اللفظ المشترك بقرينة، حمل على المعنى الذي تدل عليه القرينة، وإن ورد مجردًا عن القرائن، توقف فيه، فلم يتصرف فيه إلا بدليل.
وقال الشافعي يحمل على جميع محتملاته احتياط والفرق بين هذه الفروع أن الأول في الوضع والثاني في الاستعمال، والثالث في الحمل.
الباب الثاني: في الحقيقة والمجاز
وفيه فصلان:
الفصل الأول: ففي حدهما
أما الحقيقة: فهي اللفظ المستعمل في معناه.
والمجاز: هو اللفظ المستعمل في غير معناه لعلاقة بينهما.
والمراد بالمعنى هنا: هو ما يعنيه العرف الذي وقع التخاطب، وذلك أن الاستعمال على ثلاثة أضرب: لغوي، وشرعي، وعرفي.
واللفظ يكون حقيقة في أحدهما مجازًا في الآخر، وهو تصيير الحقيقة مجازًا، والمجاز حقيقة باختلاف الاستعمال، ألا ترى أن الدابة في اللغة حقيقة في كل حيوان، وفي العرف أهل مصر حقيقة في الحمار لا غير، وفي عرف أهل المغرب حقيقة في المركوبات كلها، وهي مجاز بالنظر إلى كل استعمال منها إذا أطلقت على سواه.
_________
(١) انظر المستصفى ١/ ٣١٨ - ٣٢٢ البرهان ١/ ١٧٠.
(٢) انظر المحصول ١/ ١/ ٣٧١ - ٣٧٨.
1 / 156