الأفعال لمحل القدر، ولو كان الاختراع مقدورا للقدر لم يكن لقادر إلى تحمل المشاق داع.
وليسر لأحد أن يقول: إن المانع من حصول هذه الأجناس من المحدث هو فقد علم، أو آلة، أو بنية، أو قدرة لو فعلت للمحدث لتأتي بها ما تعذر.
لأن العلم والآلة والبنية إنما يحتاج إليها في وجه الفعل دون حدوث جنسه، فلا يجوز أن يكون فقدها مؤثرا في تعذر الجنس والمقدور.
يوضح ذلك: صحة وقوع الأجناس المقدورة المفتقر حصولها على الوجوه إلى العلم والبنية والآلة من دونها، ولأن العلم وأكثر الآلات مقدور به للجسم، فلو كان التعذر مستندا إليها لصح من بعض الأجسام تحصيلها، ولم يتعذر بهما إيجاد الجواهر والحياة وسائر الأجناس، ويفعل له القديم سبحانه ما لا يقدر عليه من الآلات والبنى، فيصح ذلك منه، والمعلوم خلاف ذلك.
والقدر وإن اختلفت فمقدورها متفق، بدليل تساوي أحوال القادرين بقدر فيها يصح من كل منهم ويتعذر عليه، ولو صح اختلاف متعلقها لجاز وقوع قادرين على الأكوان دون الأصوات، وعلى الإرادات دون الاعتقادات " والمعلوم خلاف ذلك.
ولأن تقدير قدرة يصح بها ما يتعذر بهذه القدر ينقض أحكام سائر الأجناس، وما يستند به كل جنس منها من الحكم الراجع إلى ذاته، فيصح وجود كون يصح به الفعل، وطعم يتعلق بالمعلومات، وقدرة وعلم يوجبان للمحل حكم الطعم واللون، وإن كان الموجود من هذه الأجناس بخلاف ذلك، وهذا غاية في التجاهل.
ولأن ذلك يصحح وقوع الجواهر والحياة في أكثر الأجسام، بأن يفعل لها
Bogga 79