لَفْظَ التزعفر؛ لأنه لفظُ العموم، وإنما المنهيُّ عنه: الرجالُ، وأحسَبُ شُعْبةَ قَصَدَ المعنى، ولم يَفْطَنْ لما فَطِنَ له إسماعيلُ، وشُعْبةُ شُعْبَةُ!!» .
ولم يقفِ الحافظُ ابن حجر على إنكارِ إسماعيل على شُعْبة، فقال (١): «ورواه شُعْبة عن ابنِ عُلَيَّة عند النَّسَائي مطلقًا، فقال: نهى عن التزعفُرِ، وكأنَّه اختصره، وإلا فقد رواه عن إسماعيل فوق العَشَرة من الحفاظِ مقيَّدًا بالرجل، ويَحْتمِلُ أن يكونَ إسماعيلُ اختصَرَهُ لَمَّا حدَّث به شُعْبةُ، والمطلَقُ محمولٌ على المقيَّد، وروايةُ شُعْبةَ عن إسماعيلَ من رواية الأكابر عن الأصاغر» .
وَبَيْنَ أهلِ العلم خلافٌ طويلٌ في جواز اختصارِ الحديث وروايتِهِ بالمعنى (٢)، فذهَبَ بعضهم إلى المَنْعِ من ذلك، وجوَّزه بعضهم بشروطٍ اختُلِف فيها أيضًا، والراجحُ الجوازُ بشروطٍ من أهمِّها: أن يكونَ عالِمًا بمدلولاتِ الألفاظ، وما يُحِيلُ المعانيَ منها؛ لأنه جُرِّبَ على بعضِ الرواة الخطَأُ في معرفةِ معاني بعضِ الأحاديث؛ فعدَّهُ الأئمَّةُ من تصحيفِ المعنى؛ كما في قول أبي موسى العَنَزِيِّ محمَّد بن المثنَّى المعروفِ بالزَّمِنِ حين قال: نَحْنُ قومٌ لنا شَرَفٌ؛ صلَّى إلينا رسولُ اللهِ
(١) في "فتح الباري" (١٠/٣٠٤) .
(٢) انظر تفصيله في "الرسالة" للإمام الشافعي (ص٢٧١-٢٧٥)، و"مشكل الآثار" للطحاوي (١٢/٥٠٨- ٥١٠)، و"المحدث الفاصل" للرامهرمزي (ص٥٢٩-٥٤٣)، و"الكفاية" للخطيب البغدادي (١/٤٩١-٤٩٤ و٥٦٠-٥٨٥) و(٢/٧-٢٦)، و"جامع بيان العلم" لابن عبد البر (١/٣٣٩-٣٥٣)، و"فتح المغيث" للسخاوي (٣/١٣٧-١٥٨)، وغيرها من كتب علوم الحديث.