453

Nadiifinta Shareecada

تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة

Tifaftire

عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1399 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

بِمَا فِيهَا، فَقَالَ أُوَيْسٌ: مَنْ جَدَعَ اللَّهُ أَنْفَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا نكبت مصرا ولَا ظَلَمْتُ فِيهَا ذِمِّيًّا وَلا أَكَلْتُ مِنْهَا حِمَى أَرْضٍ، فَقَالَ أُوَيْسٌ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا عُمَرُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنْتَ يَا عَلِيُّ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَتَعِيشَانِ حَمِيدَيْنِ، وَتَمُوتَانِ شَهِيدَيْنِ فَقَالا لَهُ: أَوْصِنَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُمَا: أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا أَصَابَكُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ، وَأُوصِيكُمَا أَنْ تَلْقَيَا هَرَمَ بْنَ حَيَّانَ فَتُقْرِئَاهُ مِنِّي السَّلامَ وَخَبِّرَاهُ أَنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: فَوَدَعُوهُ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ يَطْلُبَانِ هَرَمَ بْنَ حَيَّانَ فَبَيْنَمَا هُمَا مَارَّيْنِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ وَإِذَا بِهَرَمِ بْنِ حَيَّانَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَانْتَظَرَاهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ سَلَّمَا عَلَيْهِ فَرَدَّ ﵉ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا مِنْ أَيْنَ جِئْتُمَا؟ قَالا: جِئْنَا مِنْ عِنْدَ أُوَيْسٍ الْقَرْنِيِّ وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ وَهُوَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، فَلَمْ يَزَلْ هَرَمُ بْنُ حَيَّانَ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ فَبَيْنَمَا هُوَ بِالْكُوفَةِ مَارًّا بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَصْهَبَ مَقْرُونِ الْحَاجِبَيْنِ أَدْعَجِ الْعَيْنَيْنِ يَغْسِلُ طِمْرَيْنِ لَهُ مِنْ صُوفٍ فَدَنَا مِنْهُ هَرَمُ بْنُ حَيَّانَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ يَا أُوَيْسُ فَأَجَابَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنَ السَّلامِ وَقَالَ لَهُ: يَا هَرَمُ بْنَ حَيَّانَ قَالَ لَهُ هَرَمٌ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَيْكَ؟ قَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَى رَجُلٍ إِذَا أَصْبَحَ يَقُولُ لَا أُمْسِي، وَيُمْسِي يَقُولُ لَا أُصْبِحُ، يَا أَخَا مُرَادٍ إِنَّ الْمَوْتَ وَذِكْرَهُ لَمْ يَتْرُكْ لِلْمُؤْمِنِ فَرَحًا وَإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَمْ يَتْرُكْ لِلْمُؤْمِنِ صَدِيقًا فَقَالَ لَهُ هِرَمٌ: يَا أُوَيْسُ أَمَّا مَعْرِفَتُكَ فَإِنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَصَفَاكَ لِي فَعَرَفْتُكَ بِصِفَتِهِمَا، فَأَنْتَ مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: إِنَّ الأَرْوَاحَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا فِي اللَّهِ ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ فِي اللَّهِ اخْتَلَفَ، قَالَ لَهُ أُوَيْسٌ يَا هَرَمُ اتْلُ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﷿ فَتَلا عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعبين﴾ فَخَرَّ أُوَيْسٌ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَهُ هَرَمٌ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَصْحَبَكَ وَأَكُونَ مَعَكَ، فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: لَا يَا هَرَمُ وَلَكِنْ إِذَا مِتُّ لَا يُكَفِّنُنِي أَحَدٌ حَتَّى تَأْتِيَ أَنْتَ وَتُكَفِّنُنِي وَتَدْفِنُنِي ثُمَّ إِنَّهُمَا افْتَرَقَا وَلَمْ يَزَلِ ابْنُ حَيَّانَ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ حَتَّى دَخَلَ مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ فَإِذَا هُوَ بِأُوَيْسٍ قَدْ تُوُفِّيَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأسه وَقَالَ: وَا أَخَاهُ هَذَا أُوَيْسٌ الْقَرْنِيُّ مَاتَ ضَائِعًا فَقَالُوا لَهُ مَنْ أَنْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَهَرَمُ بْنُ حَيَّانَ، وَأَمَّا هَذَا فَأُوَيْسٌ الْقَرْنِيُّ وَلِيُّ اللَّهِ، قَالُوا فَإِنَّا قَدْ جَمَعْنَا لَهُ ثَوْبَيْنِ نُكَفِّنُهُ فِيهِمَا فَقَالَ لَهُمْ هَرَمٌ، مَا لَهُ بِثَمَنِ ثَوْبَيْكُمْ حَاجَةٌ وَلَكِنْ يُكَفِّنُهُ هَرَمُ بْنُ حَيَّانَ مِنْ مَالِهِ، فَضَرَبَ هَرَمٌ بِيَدِهِ إِلَى مِزْوَدِ أُوَيْسٍ فَإِذَا هُوَ بِثَوْبَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بهما

2 / 35