Nadiifinta Shareecada
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة
Baare
عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1399 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
صَافِّينَ صُفُوفًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الآخَرِينَ مِنَ الْبُعْدُ وَالأَمَدِ وَالنَّأْيِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَسْمَعُ رَبَّكَ يَقُولُ فِي بَعْضِ مَا نُزِّلَ عَلَيْكَ ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا﴾ وَأَخْبَرَكَ عَنِ الْمَلائِكَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون﴾، فَالَّذِينَ رَأَيْتَ فِي بُحُورِ عِلِّيِّينَ هُمُ الصَّافُّونَ حَوْلَ الْعَرْشِ إِلَى مُنْتَهَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ هُمُ الْمُسَبِّحُونَ فِي السَّمَوَاتِ وَالرُّوحُ رَئِيسُهُمُ الأَعْظَمُ كُلِّهِمْ ثُمَّ إِسْرَافِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ فَمَنِ الصَّفُّ الأَعْلَى فَوْقَ الصُّفُوفِ كُلِّهَا الَّذِينَ أَحَاطُوا بِالْعَرْشِ وَاسْتَدَارُوا حَوْلَهُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْكُرُوبِيِّينَ هُمْ أَشْرَاف الْمَلَائِكَة وعظماؤهم ورؤساهم وَمَا يَجْتَرِي أَحَدٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَلَكٍ مِنَ الْكُرُوبِيِّينَ، وَلَوْ نَظَرَتِ الْمَلائِكَةُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَى مَلَكٍ وَاحِدٍ مِنَ الْكُرُوبِيِّينَ لَخُطِفَ وَهَجُ نُورِ أَبْصَارِهِمْ وَلا يَجْتَرِئُ مَلَكٌ وَاحِدٌ مِنَ الْكُرُوبِيِّينَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَلَكٍ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الصَّفِّ الأَعْلَى الَّذِينَ هُمْ أَشْرَافُ الْكُرُوبِيِّينَ وَعُظَمَاؤُهُمْ وَهُمْ أَعْظَمُ شَأْنًا مِنْ أَنْ أُطِيقَ صِفَتَهُمْ لَكَ، وَكَفَى بِمَا رَأَيْتَ فِيهِمْ ثُمَّ سَأَلْتُ جِبْرِيلَ عَنِ الْحُجُبِ وَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ تَسْبِيحِهَا وَتَمْجِيدِهَا وَتَقْدِيسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى، فَأَخْبَرَنِي عَنْهَا حِجَابًا حِجَابًا وَبَحْرًا بَحْرًا وَأَصْنَافِ تَسْبيحِهًا بِكَلامٍ كَثِيرٍ فِيهِ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّحْمِيدِ لَهُ، ثُمَّ طَافَ بِي جِبْرِيلُ فِي الْجَنَّةِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَمَا تَرَكَ مَكَانًا إِلا رَأَيْتُهُ، وَأَخْبَرَنِي عَنْهُ، فَلأَنَا أَعْرَفُ بِكُلِّ دَرَجَةٍ وَقَصْرٍ وَبَيْتٍ وَغُرْفَةٍ وَخَيْمَةٍ وَشَجَرَةٍ وَنَهْرٍ وَعَيْنٍ مِنِّي بِمَا فِي مَسْجِدِي هَذَا، فَلَمْ يَزَلْ يَطُوفُ بِي حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْكَ فَقَالَ: ﴿عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى﴾، لأَنَّهَا كَانَ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَنَبِيٍّ مُرْسَلٍ، لَمْ يُجَاوِزْهَا عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَطُّ غَيْرَكَ، وَأَنَا فِي سَبِيلِ مَرَّتِي هَذِهِ، وَأَمَّا قَبْلَهَا فَلا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي أَمْرُ الْخَلائِقِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا سَاقُهَا فِي كَثَافَةٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلا اللَّهُ وَفَرْعُهَا فِي جَنَّةِ الْمَأْوَى وَهِيَ أَعْلَى الْجِنَانِ كُلِّهَا فَنَظَرْتُ إِلَى فَرْعِ السِّدْرَةِ فَإِذَا عَلَيْهَا أَغْصَانٌ نَابِتَةٌ أَكْثَرُ مِنْ تُرَابِ الأَرْضِ وَثَرَاهَا وَعَلَى الْغُصُونِ وَرَقٌ لَا يُحْصِيهَا إِلا اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا الْوَرَقَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ وَرَقِهَا مُغَطِّيَةً الدُّنْيَا كُلَّهَا وَحَمْلُهَا مِنْ أَصْنَافِ ثِمَارِ الْجَنَّةِ ضُرُوبٌ شَتَّى وَأَلْوَانٌ شَتَّى وَطَعْمٌ شَتَّى عَلَى كُلِّ غُصْنٍ مِنْهَا مَلَكٌ وَعَلَى كُلِّ ثَمَرَةٍ مِنْهَا مَلَكٌ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَبِكَلامٍ شَتَّى، ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ أَبْشِرْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ لأَزْوَاجِكَ وَلِوَلَدِكَ وَلِكَثِيرٍ مِنْ أُمَّتِكَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ مُلْكًا كَبِيرًا وَعَيْشًا غَضِيرًا، فِي أَمَانٍ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا نهر يجرى من أصل
1 / 167