[مسألة]
وربما قيل كيف قال تعالى (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم) وكيف يجوز أن يتوبوا فلا تقبل توبتهم مع بقاء التكليف. وجوابنا أنه لم يذكر متى تابوا فيحتمل انهم كفروا ثم تابوا وأرادوا الكفر ومن ازداد كفرا فتوبته المتقدمة لا تؤثر لانه قد أفسدها بزيادة الكفر، ولذلك قال بعده (وأولئك هم الضالون) وهذا خبر عن قوم مخصوصين كان هذا حالهم فلا يمكن أن يقال ان توبة كل كافر لا تقبل ويحتمل أن توبتهم عند المعاقبة لا تقبل وقد روى أيضا أن الآية نزلت في قوم ارتدوا وقالوا ما نقيم أقمنا على ارتداد فاذا حصلنا عند أهلنا أظهرنا التوبة لتقبل ذلك منا فمن يظهر التوبة وباطنه بخلاف ذلك لا تقبل توبته ومعنى قوله ثم ازدادوا كفرا انهم جحدوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
[مسألة]
وربما قيل ما معنى قوله تعالى (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وقد ينفق المرء ما لا يحبه ويعد في البر. وجوابنا ان كل ما يخرجه المرء من وجوه البر لا بد من أن يحبه المرء ويريد الانتفاع به ولو لا ذلك لم يستحق الثواب عليه، ويحتمل أن يريد تعالى ترغيب المرء في أن لا يتصدق الا بأحب الأموال وأنفسها كما قال تعالى (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) ولذلك قال بعده (وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم) فيجازي بحسب ذلك.
[مسألة]
وربما قيل ما معنى قوله (إلا ما حرم إسرائيل على نفسه) والتحريم يكون من قبل الله تعالى لا من قبل الانبياء. وجوابنا انه لا يمتنع في شريعته أن يحرم على نفسه الشيء فيحرم، كما ان في شريعتنا أن نوجب على أنفسنا أشياء بالنذر فتجب، فهذا أقرب ما يتأول عليه وذلك لأن سبب التحريم والإيجاب من قبل العبد وان كان الله تعالى أوجب ذلك وهذا كما اذا أحرم المرء لزمه من المناسك ما كان لا يلزمه لو لا احرامه وذلك كثير في العبادات.
Bogga 71