[مسألة]
وربما قالوا في قوله (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن) فيقولون كيف يبطل بذلك محاجتهم. وجوابنا ان المحاجة اذا كانت بغير الحجاج لا تدفع الا بمثل ذلك فاذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد بين وكرر ذلك البيان ثم وقع منهم محاجة صح دفعها بمثل هذا الكلام والواحد منا اذا بين لمن خالف الحق حالا بعد حال لصح من بعد؛ وقد كرر على المخالف أن يقول أنا أتوكل على الله وأستسلم له وأسلمك فيما تأتيه الى خالقك وربما يكون ذلك أوكد وأرفع لباطله ممن أراد الحجاج عليه حالا بعد حال ولذلك قال تعالى بعده (وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ) فنبه بذلك على ان الابلاغ قد تقدم منه صلى الله عليه وسلم حالا بعد حال.
[مسألة]
وربما سألوا عن قوله (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير) فقالوا أضاف تعالى ملك الملوك الى نفسه وانه يفصل بين الظالم والعادل وقال مع ذلك (بيدك الخير) والطاعة أجمع من الخير فيجب أن تكون من فعله. فجوابنا أن الأصل في كل ملك هو العقدة والعقل والتمكين ولا يكون ذلك الا منه تعالى وانما يختلف حال الملوك فيما عدا ذلك فمنهم من يفعل بعد ذلك أنواعا من أنواع الظلم فيقوى بها. ومنهم من لا يتعدى. فاذا حملنا الملك على ما ذكرناه أولا، وهو الاصل فكل ذلك مضاف الى الله تعالى، وهو الذي يؤتيه وهو الذي ينزعه فأما العز فلا يكون في الحقيقة الا من الله تعالى؛ على كل حال لان من يعز بالمعاصي فهو ذليل، ولذلك لا يعد الكفر عزا وان كان بعضهم يعز بعضا بذلك. وبعد فانه تعالى ذكر أولا انه مالك الملك وان ما يملكه يؤتيه من يشاء وينزعه عمن يشاء فلا يدخل في ذلك ما لا يضاف الى ملكه من ظلم الظلمة.
Bogga 62