295

Nadiifinta Qur'aanka

تنزيه القرآن عن المطاعن

Noocyada

وربما قيل في قوله تعالى (يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد) كيف يصح أن يأمر الله تعالى الجبال والطير وكيف يلين الحديد وفي تليينه إبطال كونه حديدا؟ وجوابنا أن ذلك بمنزلة قوله تعالى (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) وليس ذلك بأمر فالمراد بيان أن الجبال والطيور لا تمتنع عليه فيما يريده فأما تليين الحديد فمعلوم أنه يلين بالنار ولا يخرج من ان يكون حديدا فجعله الله تنزيه القرآن (22) عز وجل لداود صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة أو جعله من حيث القوة بحيث يتصرف فيه كتصرف أحدنا في الطين وكل ذلك صحيح ولما بين عظم نعمه على داود وسليمان بالامور التي سخرها لهما قال تعالى من بعد (اعملوا آل داود شكرا) بالامور التي سخرها لهما قال تعالى من بعد (اعملوا آل داود شكرا) وذلك يدل على ان النعم توجب مزيد الشكر والقيام بالطاعة على وجه الشكر وبين تعالى بقوله (وقليل من عبادي الشكور) ان التكليف وان عم الكثير فقليل منهم يقوم بحق شكره وذكر تعالى ذلك ليجتهد كل أحد أن يكون من جملة هذا القليل فيفوز بالثواب فاما قوله تعالى من بعد (وهل نجازي إلا الكفور) فلا يصح للخوارج الذين يقولون ان كل ذنب كفر ان يتعلقوا به لان المراد وهل نجازي بما تقدم ذكره إلا الكفور وقد أجرى الله تعالى العادة بانه لا يعذب بعذاب الاستئصال في الدنيا إلا من كفر وقوله تعالى (وقدرنا فيها السير) ربما يتعلق به المجبرة انه تعالى يفعل السير وذلك بعيد لان المقدر للشيء لا يجب أن يكون فاعلا له لان من بين الشيء كيف يفعل يوصف بانه قدره وان كان الفعل من غيره ولذلك قال بعده على وجه الامر (سيروا فيها ليالي وأياما آمنين).

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) كيف يصح من العقلاء أن يسألوا ربهم أن يباعد بين أسفارهم وهي قريبة؟ وجوابنا ان ذلك منهم جاء على وجه الجهل كقوله تعالى (ويستعجلونك بالعذاب) هذا إذا قرئ على هذا الوجه وقد قرئ ربنا باعد بين أسفارنا وذلك على وجه الجبر لانه غير أحوالهم فنالهم من المشاق في أسفارهم خلاف ما كانوا عليه وقد يقول الضعيف بعد علي الطريق لمزية مشقته وان كان حال الطريق لم يتغير.

[مسألة]

Bogga 338