Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
والدعاء وهذا الوجه إذا صح ليس يقتضي معصية صغيرة على ما ظنه بعضهم حتى نسب الاستغفار والإنابة إلى ذلك وذلك لأن محبة الدنيا على الوجه المباح ليس بذنب وإن كان غيره أولى منه والاستغفار عقيب هذه الحال لا يدل على وقوع ذنب في الحال ولا قبلها بل يكون محمولا على ما ذكرناه آنفا في قصة داود (ع) من الانقطاع إلى الله تعالى وطلب ثوابه فأما قول بعضهم إن ذنبه من حيث لم يستثن مشيئة الله تعالى لما قال تلد كل امرأة واحدة منهن غلاما فهو غلط لأنه (ع) وإن لم يستثن ذلك لفظا فقد استثناه ضميرا أو اعتقادا إذ لو كان قاطعا مطلقا للقول لكان كاذبا أو مطلقا لما لا يأمن أن يكون كذبا وذلك لا يجوز عند من جوز الصغائر على الأنبياء (ع) وأما قول بعضهم إنه (ع) إنما عوتب واستغفر لأجل أن فريقين اختصما إليه أحدهما من أهل جراده امرأة له كان يحبها فأحب أن يقع القضاء لأهلها فحكم بين الفريقين بالحق وعوتب على محبة موافقة الحكم لأهل امرأته فليس هذا أيضا بشيء لأن هذا المقدار الذي ذكروه ليس بذنب يقتضي عتابا إذا كان لم يرد القضاء بما يوافق امرأته على كل حال بل مال طبعه إلى أن يكون الحق موافقا لقول فريقها وأن يتفق أن يكون في جهتها من غير أن يقتضي ذلك ميلا منه في الحكم أو عدولا عن الواجب ومنها أنه
روي عن الحسن لما ولد لسليمان (ع) ولد قالوا لنلقين من ولده مثل ما لقينا من أبيه فلما ولد له غلام أشفق عليه منهم فاسترضعه في المزن وهو السحاب فلم يشعر إلا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها له على أن الحذر لا ينفع مع القدر ومنها أنهم ذكروا أنه كان لسليمان (ع) ولد شاب ذكي وكان يحبه حبا شديدا فأماته الله تعالى على بساطه فجأة بلا مرض اختبارا من الله تعالى لسليمان (ع) وابتلاء لصبره في إماتة ولده وألقى جسده على كرسيه وقيل إن الله جل ثناؤه أماته في حجره وهو على كرسيه فوضعه من حجره
Bogga 96