Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
على هذا الموضع وقد اختلف المفسرون في هذا النفس فقال أكثرهم إنه كان صبيا لم يبلغ الحلم وإن الخضر وموسى (ع) مرا بغلمان يلعبون فأخذ الخضر (ع) منهم غلاما فأضجعه وذبحه بالسكين ومن ذهب إلى هذا الوجه يجب أن يحمل قوله زكية على أنه من الزكاء الذي هو الزيادة والنماء لا من الطهارة في الدين من قولهم زكت الأرض تزكو إذا زاد ريعها وذهب قوم إلى أنه كان رجلا بالغا كافرا ولم يكن يعلم موسى (ع) باستحقاقه القتل فاستفهم عن حاله ومن أجاب بهذا الجواب إذا سئل عن قوله تعالى حتى إذا لقيا غلاما فقتله يقول لا يمتنع تسمية الرجل بأنه غلام على مذهب العرب وإن كان بالغا وأما قوله فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فالظاهر يشهد أن الخشية من العالم لا منه تعالى والخشية هاهنا قيل العلم كما قال الله تعالى وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا وقوله تعالى إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله وقوله عز وجل وإن خفتم عيلة وكل ذلك بمعنى العلم وعلى هذا الوجه كأنه يقول إني علمت بإعلام الله تعالى لي أن هذا الغلام متى بقي كفر أبويه [كفر وأبواه] ومتى قتل بقيا على إيمانهما فصارت تبقيته مفسدة ووجب اخترامه ولا فرق بين أن يميته الله تعالى وبين أن يأمر بقتله وقد قيل إن الخشية هاهنا بمعنى الخوف الذي لا يكون معه يقين ولا قطع وهذا الجواب يطابق جواب من قال إن الغلام كان كافرا مستحقا للقتل بكفره وانضاف إلى استحقاقه ذلك بالكفر خشية إدخال أبويه في الكفر وتزيينه لهما وقال قوم إن الخشية هاهنا هي الكراهية يقول القائل فرقت بين الرجلين خشية أن يقتتلا أي كراهية لذلك وعلى هذا التأويل والوجه الذي قلناه إنه بمعنى العلم لا يمتنع أن تضاف الخشية إلى الله تعالى فإن قيل فما معنى قوله تعالى أما السفينة فكانت
Bogga 85