Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
قوله تعالى حكاية عنه ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وأما قول موسى (ع) فعلتها إذا وأنا من الضالين فإنما أراد به من الذاهبين عن أن الوكزة تأتي على النفس أو أن المدافعة تفضي إلى القتل وقد يسمى الذاهب عن الشيء أنه ضال عنه ويجوز أيضا أن يريد أنني ظللت عن فعل المندوب إليه من الكف عن القتل في تلك الحال والفوز بمنزلة الثواب مسألة فإن قيل كيف جاز لموسى (ع) وقد قال تعالى أن ائت القوم الظالمين أن يقول في الجواب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون وهذا استعفاء عن الرسالة الجواب أن ذلك ليس باستعفاء كما تضمنه السؤال بل كان (ع) قد أذن له في أن يسأل ضم أخيه في الرسالة إليه قبل هذا الوقت وضمنت له الإجابة ألا ترى إلى قوله تعالى وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا إلى قوله واجعل لي وزيرا من أهلي فأجابه الله تعالى إلى مسألته بقوله قد أوتيت سؤلك يا موسى وهذا يدل على أن ثقته بالإجابة إلى مسألته التي قد تقدمت وكان مأذونا له فيها فقال إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني شرحا لصورته وبيانا عن حاله المقتضية لضم أخيه في الرسالة فلم تكن مسألته إلا عن إذن وعلم ثقة بالإجابة مسألة فإن قيل كيف جاز لموسى (ع) أن يأمر السحرة بإلقاء الحبال والعصي وذلك كفر وسحر وتلبيس وتمويه والأمر بمثله لا يحسن الجواب قلنا لا بد من أن يكون في أمره (ع) بذلك شرط فكأنه قال ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين وكان له فيما يفعلونه حجة وحذف الشرط لدلالة الكلام عليه واقتضاء الحال له وقد جرت العادة باستعمال هذا الكلام محذوف الشرط وإن كان الشرط مرادا وليس يجري هذا مجرى قوله تعالى فأتوني بسورة من مثله وهو
Bogga 70