Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
ادعيت حاصلة وليس له أن يقول إن الألم إنما يقبح إذا كان فيه من المصلحة مثل ما في فعل هو لذة من حيث كان يغني عنه ما ليس بألم وذلك أن العوض الذي في مقابلته يخرجه من كونه ضررا ويدخله في أن يكون نفعا ويجريه على أقل الأحوال مجرى ما ليس بضرر فقد عاد الأمر إلى أن الألم بالعوض قد ساوى ما ليس بألم وحصل فيه من الغرض المؤدي إلى المصلحة مثل ما فيه فيجب أن يكون مخيرا في الاستصلاح بأيهما شاء فإن قيل ما أنكرتم أن يكون الفرق بين الأمرين أن للذة قد يحسن أن تفعل بمجرد كونها لذة ولا يفتقر في حسن فعلها إلى أمر زائد والألم ليس كذلك فإنه لا يحسن أن يفعل مجردا ولا بد من أمر زائد يجعله حسنا قلنا هذا فرق بين الأمرين من غير الموضع الذي جمعنا بينهما فيه لأن غرضنا إنما كان في التسوية بين الألم واللذة إذا كان في كل واحد منهما مثل ما في صاحبه وأن يحكم بصحة التخيير في الاستصلاح بكل واحد منهما وإن كنا لا ننكر أن بينهما فرقا من حيث كان أحدهما نفعا يجوز الابتداء به واستحقاق الشكر عليه والآخر ليس كذلك إلا أن هذا الوجه وإن لم يكن في الألم فليس يقتضي قبحه ووجوب فعل اللذة ألا ترى أن اللذة قد يساويها في المصلحة فعل ما ليس بألم ولا لذة فيكون المكلف تعالى مخيرا في الاستصلاح بأيهما شاء وإن كان يجوز ويحسن أن يفعل اللذة بمجردها من غير غرض زائد ولا يحسن ذلك الفعل الآخر الذي جعلناه في مقابلتها متى تجرد وإنما يحسن لغرض زائد ولم يخرجهما اختلافهما في هذا الوجه من تساويهما فيما ذكرناه من الحكم وإذا كان اللذة قد تساوى في الحكم الذي ذكرناه من التخيير في الاستصلاح ما ليس بلذة وبينا أن العوض قد أخرج الألم من كونه ضررا وجعله بمنزلة ما ليس بألم فقد بان صحة ما ذكرناه لأن التخيير بين اللذة وما ليس بلذة ولا ألم إذا حسن متى اجتمعا في المصلحة فكذلك
Bogga 63