Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
ع لم يتمكن من ذلك ولا قدر عليه فلذلك عدل عنه مسألة فإن قيل فما معنى قوله تعالى ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وكيف يرضى بأن يسجدوا له والسجود لا يكون إلا لله تعالى الجواب قلنا في ذلك وجوه منها أن يكون تعالى لم يرد بقوله إنهم سجدوا له إلى جهته بل سجدوا لله تعالى من أجله لأنه تعالى جمع بينهم وبينه كما يقول القائل إنما صليت لوصولي إلى أهلي وصمت لشفائي من مرضي وإنما يريد من أجل ذلك فإن قيل هذا التأويل يفسده قوله تعالى يا أبت هذا تأويل رءياي من قبل قد جعلها ربي حقا قلنا ليس هذا التأويل بمانع من مطابقة الرؤيا المتقدمة في المعنى دون الصورة لأنه (ع) لما رأى سجود الكواكب والقمرين له كان تأويل ذلك بلوغه أرفع المنازل وأعلى الدرجات ونيله أمانيه وأغراضه فلما اجتمع مع أبويه ورأياه في الحال الرفيعة العالية ونال ما كان يتمناه من اجتماع الشمل كان ذلك مصدقا لرؤياه المتقدمة فلذلك قال هذا تأويل رءياي من قبل فلا بد لمن ذهب إلى أنهم سجدوا له على الحقيقة من أن يجعل ذلك مطابقا للرؤيا المتقدمة في المعنى دون الصورة لأنه ما كان رأى في منامه أن إخوته وأبويه سجدوا له ولا رأى في يقظته الكواكب تسجد له فقد صح أن التطابق في المعنى دون الصورة ومنها أن يكون السجود لله تعالى غير أنه كان إلى جهة يوسف (ع) ونحوه كما يقال صلى فلان إلى القبلة وللقبلة وهذا لا يخرج يوسف (ع) من التعظيم ألا ترى أن القبلة معظمة وإن كان السجود لله تعالى نحوها ومنها أن السجود ليس يكون بمجرده عبادة حتى يضامه من الأفعال ما يكون عبادة فلا يمتنع أن يكون سجدوا له على سبيل التحية والإعظام والإكرام ولا يكون ذلك منكرا لأنه لم يقع على وجه العبادة التي يختص بها القديم تعالى مسألة فإن قيل فما معنى قوله تعالى حكاية عنه (ع) من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي
Bogga 58