Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
قلنا هذا الوجه كان جائزا لو لا ما نطق القرآن به من خلافه لأنه تعالى لما قال ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ثم قال عاطفا على ذلك وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه فصرح بعلة حسن استغفاره وأنها الموعدة ولو كان الوجه في حسن الاستغفار ما تضمنه السؤال لوجب أن يعلل السؤال استغفاره لأبيه لأنه لم يعلم أنه من أهل النار لا محالة ولم يقطع في شرعه على عقاب الكفار والكلام يقتضي خلاف هذا ويوجب أنه ليس لإبراهيم (ع) من ذلك ما ليس لنا وأن عذره فيه هو الموعدة دون غيرها قد قال أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي في تأويل الآية التي في سورة التوبة ما نحن ذاكروه ومنبهون على خلل فيه قال بعد أن ذكر أن الاستغفار إنما كان لأجل الموعدة من الأب بالإيمان إن الله تعالى إنما ذكر قصة إبراهيم (ع) بعد قوله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين لئلا يتوهم أحد أن الله عز وجل كان جعل لإبراهيم (ع) من ذلك ما لم يجعله للنبي (ص) لأن هذا الذي لم يجعله للنبي (ص) لا يجوز أن يجعله لأحد لأنه ترك للرضا بأفعال الله تعالى وأحكامه وهذا الذي ذكره غير صحيح على ظاهره لأنه يجوز أن يجعل لغير نبينا (ص) ممن لم يقطع له على أن الكفار معاقبون لا محالة أن يستغفر للكفار لأن العقل لا يمنع من ذلك وإنما يمنع السمع الذي فرضنا ارتفاعه فإن قال أردت أنه ليس لأحد ذلك مع القطع على العقاب قلنا ليس هكذا يقتضي ظاهر كلامك وقد كان يجب إذا أردت هذا المعنى أن تبينه وتزيل الإبهام عنه وإنما لم يجز أن يستغفر للكفار مع ورود الوعيد القاطع على عقابهم زائدا على ما ذكره أبو علي من أنه ترك
Bogga 35