Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
وهذا قد يجيء كثيرا في القرآن وفي كلام العرب قال الله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة والمعنى فاجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة وهذا الوجه يقارب الوجه الأول في المعنى وإن خالفه في الترتيب ومنها أن يكون الهاء في قوله جعلا له شركاء راجعة إلى الوالد لا إلى الله تعالى ويكون المعنى أنهما طلبا من الله تعالى أمثالا للولد الصالح فشركا بين الطلبتين ويجري هذا القول مجرى قول القائل طلبت مني درهما فلما أعطيتك شركته بآخر أي طلبت آخر مضافا إليه وعلى هذا الوجه لا يمتنع أن تكون الكناية من أول الكلام إلى آخره راجعة إلى آدم وحواء (ع) فإن قيل فأي معنى على هذا الوجه لقوله فتعالى الله عما يشركون وكيف يتعالى الله عن أن يطلب منه ولد بعد آخر قلنا لم ينزه الله تعالى نفسه عن هذا الإشراك وإنما نزهها عن الإشراك به وليس يمتنع أن ينقطع هذا الكلام عن حكم الأول ويكون غير متعلق به لأنه تعالى قال أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون فنزه نفسه تعالى عن هذا الشرك دون ما تقدم وليس يمتنع انقطاع اللفظ في الحكم عما يتصل به في الصورة وهذا كثير في القرآن وفي كلام العرب لأن من عادة العرب أن يراعوا الألفاظ أكثر من مراعاة المعاني فكأنه تعالى لما قال جعلا له شركاء فيما آتاهما وأراد الإشراك في طلب الولد جاء بقوله تعالى عما يشركون على مطابقة اللفظ الأول وإن كان الثاني راجعا إلى الله تعالى لأنه يتعالى عن اتخاذ الولد وما أشبهه ومثله
قول النبي (ص) وقد سئل عن العقيقة فقال لا أحب العقيقة ومن شاء منكم أن يعق عن ولده فليعق
فطابق اللفظ وإن اختلف المعنيان وهذا كثير في كلامهم فأما ما يدعى في هذا الباب من الحديث فلا يلتفت
Bogga 16