Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء
أضاف إليه المعصية قد ضل عن وجه الصواب مسألة فإن قيل فما وجه قوله تعالى مخاطبا لنبيه (ص) لما استأذنه قوم في التخلف عن الخروج معه إلى الجهاد فأذن لهم عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين أوليس العفو لا يكون إلا عن الذنوب وقوله لم أذنت ظاهر في العتاب لأنه من أخص ألفاظ العتاب الجواب قلنا أما قوله تعالى عفا الله عنك فليس يقتضي وقوع معصية ولا غفران عقاب ولا يمتنع أن يكون المقصود به التعظيم والملاطفة في المخاطبة لأن أحدنا قد يقول لغيره إذا خاطبه أرأيت رحمك الله وغفر الله لك وهو لا يقصد إلى الاستصفاح له عن عقاب ذنوبه بل ربما لم يخطر بباله أن له ذنبا وإنما الغرض الإجمال في المخاطبة واستعمال ما قد صار في العادة علما على تعظيم المخاطب وتوقيره وأما قوله تعالى لم أذنت لهم فظاهره الاستفهام والمراد به التقرير واستخراج ذكر علة إذنه وليس بواجب حمل ذلك على العتاب لأن أحدنا قد يقول لغيره لم فعلت كذا وكذا تارة مستفهما وتارة مقررا فليست هذه اللفظة خاصة للعتاب والإنكار وأكثر ما يقتضيه وغاية ما يمكن أن يدعى فيها أن تكون دالة على أنه (ص) ترك الأولى والأفضل وقد بينا أن ترك الأولى ليس بذنب وإن كان الثواب ينقص معه فإن الأنبياء (ع) يجوز أن يتركوا من النوافل كثيرا وقد يقول أحدنا لغيره إذا ترك الندب لم تركت الأفضل ولم عدلت عن الأولى ولا يقتضي ذلك إنكارا ولا قبيحا مسألة فإن قيل فما معنى قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك أوليس هذا صريحا في وقوع المعاصي منه (ص) الجواب قلنا أما الوزر في أصل اللغة فهو الثقل وإنما سميت الذنوب بأنها أوزارا لأنها تثقل كاسبها وحاملها وإذا كان أصل الوزر ما ذكرناه فكل شيء أثقل الإنسان وغمه وكده وجهده
Bogga 114