Tanzih al-Ashab ‘an Tanaqqus Abi Turab
تنزيه الأصحاب عن تنقص أبي تراب
Daabacaha
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Noocyada
سائر الأمة وأنهم لم يستثنوا في إجماعهم خصلة من خصال الفضل لا العلم ولا غيره. وعلم أيضًا أن النبي ﷺ كان يبلغه قول أصحابه في تفضيل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان فلا ينكره. وعلم أيضًا ما حكاه القرطبي عن أهل السنة من تفضيل أبي بكر ثم عمر. فليعلم أيضًا أنه لم يخالف إجماع الصحابة وأهل السنة من بعدهم سوى الروافض الذين يفضلون عليا وأهل بيته على أبي بكر وعمر ﵄ وقد سلك أبو تراب طريقة تشبه طريقة الروافض في تفضيله أمهات المؤمنين على عمر ﵁ فخالف السنة والإجماع وشذ عن طريق أهل السنة والجماعة وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ الآية.
وممن خرق الإجماع أيضًا أبو محمد ابن حزم، قال الحافظ الذهبي في ترجمة أم المؤمنين عائشة ﵂ في كتاب تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام: "ومن عجيب ما ورد أن أبا محمد ابن حزم مع كونه أعلم أهل زمانه ذهب إلى أن عائشة أفضل من أبيها. وهذا مما خرق به الإجماع" انتهى.
الموضع الثاني: زعم أبو تراب أن أبا هريرة ﵁ غلب الصحابة كلهم بعلمه وغزارة حفظه لحديث المصطفى. قال: "وهذا معاذ بن جبل وابن مسعود وعلى بن أبى طالب كانوا أفقه من عمر وهو يشهد بذلك ولكنهم لم يكونوا أفضل منه".
والجواب أن يقال لاشك أن أبا هريرة رضى الله عنه كان من علماء الصحابة وحفاظهم وقد حفظ عن النبي ﵊ علما كثيرا. وكذلك على بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وابن مسعود ﵃ ولكنهم مع ذلك لم يكونوا مثل أبي بكر وعمر ﵄ في العلم فقد كانا يفوقان غيرهما من الصحابة في العلم وفي جميع الفضائل. وسيأتي ذكر ما لهما من المزايا في كلام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية إن شاء الله تعالى.
وقد شهد حبر الأمة عبد الله بن مسعود ﵁ لعمر ﵁ بغزارة العلم وشهد له بذلك أيضا حذيفة بن اليمان ﵁ وسعيد ابن المسيب وعمر وبن ميمون وإبراهيم النخعي. وسيأتي ذكر أقوالهم إن شاء الله تعالى.
وقد امتاز عمر ﵁ بخصال لم تكن لمن بعده من الصحابة فضلا عن غيرهم. وهي من أوضح
30 / 74