الفقه المالكي بعد أن ذاع صيت الكتاب، وأيضًا لأن سحنون ليس وقته طالبًا عاديًا، قال ابن حارث: رحل سحنون إلى ابن القاسم، وقد تفقه في علم مالك فكاشف ابن القاسم عن هذه الكتب مكاشفة فقيه يفهم (١). ويكفي أن نقرأ مباحثاته ومناقشاته مع ابن القاسم في "المدونة". فهل كان ابن القاسم فيما أعاد فيه النظر معتمدًا على ما يرويه من سماعه من مالك؟ أم كان يجتهد من عنده؟ فإن كان يرجع إلى سماعه فقد كان لدى أسد نسخة من السماع، وقد أمره ابن القاسم بالرجوع إليه، وإن كان عن اجتهاد فإنه أجاز لعيسى بن دينار أن يعتمد اجتهاده وعقله في التمييز بين ما يوافق المذهب وما يخالفه. هذا مع العلم أن هذه الفروع تتغير أحكامها من حين لآخر، وأن ابن القاسم نفسه أُثرت عنه روايات مختلفة كثيرة في الفرع الواحد (٢).
ثانيًا: المشكلات المنعكسة عن هذا السياق:
هكذا قام سحنون بدور حاسم في حل بعض غوامض كتاب "الأسدية" وأخرجه في حلة جديدة وفي اسم جديد هو كتاب "المدونة"، غير أن مشاكل الرواية التي نحن بصددها لم تحل، بل زادت وتعقدت! فعلى يد سحنون أعيد انتشار الكتاب في أوسع نطاق جغرافي، وتتالت رواياته واختلفت كما رأينا من قبل. فمن الطلبة من روى الكتاب ونشره في الناس قبل أن يدخل عليه سحنون من عنده ما أدخله، مثل: محمَّد بن خالد بن