فتأولوه هَؤُلَاءِ على غير تَأْوِيله
الْفرْقَة الْخَامِسَة هم القرامطة والديلم وهم يَقُولُونَ إِن الله نور علوى لَا تشبهه الْأَنْوَار وَلَا يمازجه الظلام وَإنَّهُ تولد من النُّور العلوى النُّور الشعشاني فَكَانَ مِنْهُ الْأَنْبِيَاء وَالْأَئِمَّة فهم بِخِلَاف طبائع النَّاس وهم يعلمُونَ الْغَيْب ويقدرون على كل شَيْء وَلَا يعجزهم شَيْء ويقهرون وَلَا يقهرون ويعلمون وَلَا يعلمُونَ وَلَهُم عَلَامَات معجزات وأمارات ومقدمات قبل مجيئهم وظهورهم وَبعد ظُهُورهمْ يعْرفُونَ بهَا وهم مباينون لسَائِر النَّاس فِي صورهم وأطباعهم وأخلاقهم وأعمالهم وَزَعَمُوا أَنه تولد من النُّور الشعشعاني نور ظلامي وَهُوَ النُّور الَّذِي ترَاهُ فِي الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب وَالنَّار والجواهر الَّذِي يخالطه الظلام وَتجوز عَلَيْهِ الْآفَات وَالنُّقْصَان وَتحل عَلَيْهِ الآلام والأوصاب وَيجوز عَلَيْهِ السَّهْو والغفلات وَالنِّسْيَان والسيئات والشهوات والمنكرات غير أَن الْخلق كُله تولد من الْقَدِيم البارىء وَهُوَ النُّور العلوى الَّذِي لم يزل وَلَا يزَال وَلَا يَزُول سبق الْحَوَادِث وأبدع الْخلق من غير شَيْء كَانَ قبله قدره نَافِذ وَعلمه سَابق وَإنَّهُ حَيّ لَا بحياة وقادر لَا بقدرة وَسميع بَصِير لَا يسمع وَلَا يبصر ومدبر لَا بجوارح وَلَا آلَة فيصفون الْإِلَه جلّ وَعز كَمَا يصفه الموحدون مَعَ قَوْلهم إِنَّه نور لَا يشبه الْأَنْوَار ثمَّ يَزْعمُونَ أَن الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام وَالْحج وَسَائِر الْفَرَائِض نَافِلَة لَا فرض وَإِنَّمَا هُوَ شكر للمنعم وَأَن الرب لَا يحْتَاج إِلَى عبَادَة خلقه وَإِنَّمَا ذَلِك شكرهم فَمن شَاءَ فعل وَمن شَاءَ لم يفعل وَالِاخْتِيَار فِي ذَلِك إِلَيْهِم وَزَعَمُوا أَنه لَا جنَّة وَلَا نَار وَلَا بعث وَلَا نشور أَن من مَاتَ بلَى جسده وَلحق روحه بِالنورِ الَّذِي تولد مِنْهُ حَتَّى يرجع كَمَا كَانَ
1 / 20