كتابي هذا شيئًا من الموعظة والحكمة شافيًا للناظر فيه ووصيتي له أن ينظر فيه بالتذكر والتفكر لنفسه أوّلًا ثم بالاحتساب بالتذكير لغيره ثانيًا فإن اللَّه تعالى أمرنا بذلك كله والسنة وردت فيه قال اللَّه تعالى: ﴿كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ﴾ قال بعض المفسرين: معناه كونوا عاملين بما كنتم تعلمون الناس من الكتاب، وقال في آية أخرى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ﴾ وقال لنبيه ﷺ: ﴿يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ﴾ وقال اللَّه تعالى في آية أخرى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ﴾ .
وروى عن رسول اللَّه ﷺ أنه قال: "تفكّر ساعة خير من عبادة سنة" ومن أعرض عن النظر في الحكم والمواعظ وسير السلف لا يعدو إحدى خصليتن إما أن يقتصر على قليل من العمل يتوهم أنه من جملة السابقين إلى الخيرات أو يجتهد بعض الجهد فيعظم ذلك في عينه ويفضل بذلك نفسه على غيره فيبطل بذلك سعيه ويحبط عمله، فإذا نظر فيها ازداد حرصًا على الطاعات وغرف قصوره عن بلوغهم في الدرجات فنسأل اللَّه التوفيق لأزكى الأعمال وأعظم البركات إنه منان قدير.
1 / 22