قال: فجعلوا يستترون بالأساطين، ويستتر بعضهم بعض تخوفا أن يبدئهم بالملاعنة، ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه، ثم قالوا: أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم!
قال: أقيلكم أن تجيبوني إلى واحدة من ثلاث. قالوا: هات فقال: أدعوكم إلى الاسلام فتكونوا أخواننا لكم مالنا وعليكم ما علينا. قالوا: لا سبيل إلى هذه، فهات الأخرى.
قال: جزية نفرضها عليكم تؤدونها إلينا كل سنة وأنتم صغرة.
قالوا: ولا سبيل إلى هذه، فهات الثالثة.
قال: الحرب، كما قال الله فأنبذ إليهم.
قالوا: لا طاقة لنا بحربك، فصالحوه [على] الفي حلة، الف في رجب والف في صغر، وعلى عارية ثلاثين درعا، وثلاثين رمحا، وثلاثين فرسا إذا كان باليمن.
كيف ورسول الله ضامن لها حتى يؤديها إليهم. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لو باهلتهم ما بقي على وجه الأرض منهم أحدا، ولقد حشر علي بالطير والعصافير من رؤوس الشجر لمباهلتهم. قال: فلما رجع وفد نجران لم يلبث السيد والعاقب إلا يسرا حتى رجعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأهدى العاقب له حلة وعصا وقدحا وبغلين وأسلما.
واختلف الشيعة في المعنى الذي لأجله دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المباهلة عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) دون غيرهم من أكابر الصحابة (رضي الله عنهم)، وقالوا فيه أقوال، فمنهم من قال: انما خصهم ليبين منزلتهم وإنه ليس في أمته يعد من يساويهم في الفضل، وتنبيها على غاية الفضل لهم كما له.
ومنهم من قال: خصهم لكونهم معصومين.
ومنهم من قال: ليعلم ان التغيير والتبديل لا يجوز عليهم.
ومنهم من قال: إن الإمامة لا تخرج منهم.
ومنهم من قال: خصهم ليعلم إنه أجراهم مجرى نفسه، وفاطمة بضعة منه،
Bogga 34