Tanbih al-Ikhwan 'ala al-Akhtha' fi Mas'ala Khalq al-Quran
تنبيه الإخوان على الأخطاء في مسألة خلق القرآن
Daabacaha
دار اللواء للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
Goobta Daabacaadda
الرياض - المملكة العربية السعودية
Noocyada
تنبيه الإخوان على الأخطاء في مسألة خلق القرآن
تأليف
الفقير إلى الله تعالى حمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري
غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين
دار اللواء
Bog aan la aqoon
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
تنبِيه الإخوانْ عَلى الأخْطاءِ في مَسْألَةِ خَلقِ القُرآنْ
1 / 3
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة
الطبعة الأولى
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
توزيع
رئاسة إدارات البُحوث العِلميَّة وَالإفتاء وَالدّعوة والإرشَاد
بالمملكة العَربيّة السعُوديَّة
وَقف للهِ تعَالى
المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض ١١٤٦١
دَار اللِّوَاء: ص. ب: ٢٨٥٦ شَارِع الْملك فيصل
هَاتِف: ٤٠٢٨٠٨٤ - ٤٠٥١٧٥٤ - برقيًا: نشر دَار
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد رأيتُ رسالة للشيخ عبد الفتاح أبي غدة، سماها «مسألة خلق القرآن وأثرها في صفوف الرواة والمحدثين وكتب الجرح والتعديل». وفي هذه الرسالة أقوالٌ غير مقبولة، بل فيها أقوالٌ من أقوال الجهمية. ولما كانت هذه الأقوال قد تخفى على بعض طلبة العلم، رأيتُ أنه يتأكد التنبيه عليها؛ لئلا يغتر بها بعضهم، والله المسئول أن يعصمني من الزلل وأن يوفقني وإخواني المسلمين لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأعمال. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
1 / 5
فمن ذلك أنه ذكر القول بخلق القرآن ثم قال في صفحة ٦ (وقد ظهرت هذه الفتنة بعض الظهور في زمن الإمام أبي حنيفة فقال فيها قولًا فصلًا ورد على ناشريها فأسكتهم إلى حين.
وأقول: لا يخفى على من له فضل اطلاع ما في هذا الكلام من المبالغة في المدح بما لا حقيقة له. وقد رأيت عددًا من الكتب التي ذكر فيها الرد على الجهمية وما رأيت أحدًا من أهل السنة ذكر عن أبي حنيفة أنه رد على الجهمية بشيء فضلًا عن أن يكون قال قولًا فصلًا أسكت به الجهمية الذين نشروا فتنة القول بخلق القرآن. فأما ما ذكره الكوثري عن أبي حنيفة فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
وفي صفحة ٧ نقل المؤلف عن الكوثري أنه قال: (ولم يحل قتل جهم دون ذيوع رأيه في القرآن فافتتن به أناس فشايعه مشايعون ونافره منافرون فحصلت الحيدة عن العدل إلى إفراط وتفريط من غير
1 / 6
معرفة كثير منهم لمغزى هذا المبتدع. أناس جاروه في نفي الكلام النفسي وأناس قالوا في معاكسته بقدم الكلام اللفظي.
وأقول إن الأكابر من علماء أهل السنة قد عرفوا مغزى جهم حق المعرفة ولذلك نافروه وكفروه ونافروا أتباعه وكفروهم واستدلوا على تكفيرهم وبطلان أقوالهم في القرآن بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة وذلك مبسوط في الكتب المصنفة في السنة والرد على الجهمية. وليس في إنكار أهل السنة على الجهمية وردهم على أقوالهم الباطلة حيدة عن العدل إلى الإفراط أو التفريط كما زعم ذلك الكوثري بل إن أهل السنة لم يزالوا على العدل واتباع الحق. ومن أنكر ذلك فلاشك أنه هو الذي قد حاد عن العدل وكابر في رد الحق وأما الذين تابعوا جهمًا وجاروه في نفي الكلام عن الله تعالى وفي زعمه أن القرآن مخلوق مثل بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد
1 / 7
وأضرابهم من الزنادقة. فهؤلاء هم الذين حادوا عن العدل إلى الإفراط والتفريط بل إلى الكفر الصريح وقد رد عليهم الإمام أحمد وغيره من أكابر العلماء وحذروا من أقوالهم المشتملة على الكفر والزندقة.
وفي صفحة ٧ نقل المؤلف عن الكوثري أنه ذكر عن أبي حنيفة أنه قال في القرآن: «ما قام بالله غير مخلوق وما قام بالخلق مخلوق». ثم قال الكوثري يريد أن كلام الله باعتبار قيامه بالله صفة له كباقي صفاته في القدم وأما ما في ألسنة التالين وأذهان الحفاظ والمصاحف من الأصوات والصور الذهنية والنقوش فمخلوق كخلق حامليها فاستقرت آراء أهل العلم والفهم على ذلك بعده. انتهى.
وأقول أما أهل العلم الموروث عن النبي ﷺ وهم أهل السنة والجماعة - فإنهم يفرقون بين فعل العبد الذي هو تلاوته وبين المتلو المقروء وهو كلام الله الذي أنزله على نبيه محمد صلى
1 / 8
الله عليه وسلم فيقولون إن فعل العبد مخلوق وإن المتلو المقروء غير مخلوق ويقولون إن الورق والمداد مخلوقان وأن المكتوب المثبت في المصاحف غير مخلوق ويقولون إن صدور الحفاظ مخلوقة وأن المحفوظ في الصدور من القرآن غير مخلوق ويقولون إن أسماع العباد مخلوقة وأن ما يسمعونه من القرآن غير مخلوق ويقولون إن أبصار العباد مخلوقة وأن ما ينظرون إليه من القرآن المكتوب غير مخلوق هذا قول أهل السنة والجماعة. وأما أهل الجهل الموروث عن الجعد بن درهم والجهم بين صفوان فإنهم يزعمون أن القرآن مخلوق وأن ألفاظهم بالقرآن مخلوقة وأن المكتوب في المصاحف والمحفوظ في الصدور من القرآن مخلوق والمسموع من تلاوة التالين للقرآن مخلوق. وقد كفَّر كثير من العلماء المعتبرين من قال إن القرآن مخلوق ومن قال أن اللفظ بالقرآن مخلوق وتبرءوا منهم وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في الشافية الكافية:
1 / 9
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام حكاه عنهم ... بل حكاه قبله الطبراني
يعني أن خمسمائة من العلماء صرحوا بتكفير الجهمية وقد ذكر عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة كثيرًا من أقوال العلماء في تكفيرهم وذكرها غيره ممن صنف في السنة والرد على الجهمية.
وما ذكره الكوثري عن أبي حنيفة أنه قال في القرآن (وما قام بالخلق مخلوق) فلا أظن أن ذلك يثبت عن أبي حنيفة وعلى تقدير ثبوته عنه فهو كلام مجمل وليس بفصل كما قد زعم ذلك الشيخ أبو غدة. وليس فيه إسكات للجهمية ولا لغيرهم. وفي المراد به احتمالان: أحدهما ما قرره الكوثري وزعم أنه مراد أبي حنيفة وهو القول بأن ما في ألسنة التالين وأذهان
1 / 10
الحفاظ والمصاحف من الأصوات والصور الذهنية والنقوش مخلوق كخلق حامليها. وهذا موافق لقول من يقول من الجهمية أن اللفظ بالقرآن مخلوق يريدون بذلك التلاوة والمتلو جميعًا وموافق أيضًا لقولهم أن المكتوب في المصاحف من القرآن والمحفوظ في الصدور منه مخلوق وهذا مما أنكره الإمام أحمد وغيره من أكابر العلماء وعدوه من أقوال الجهمية. ولاشك أن تقرير الكوثري لما ذكره عن أبي حنيفة يفتح باب الطعن في أبي حنيفة وتصديق الروايات التي جاء فيها أن أبا حنيفة كان يقول بخلق القرآن وأنه قد استتيب من ذلك ثلاث مرات وهذا مما ينزه عنه أبو حنيفة وينزه أيضًا عما قرره الكوثري ونسبه إليه يحسب أن فيه مدحًا لأبي حنيفة وهو في الحقيقة مما يذم به ويطعن به عليه لو كان ثابتًا عنه ولكنه لم يثبت والأحرى أنه مفترى على أبي حنيفة.
الاحتمال الثاني: أن يقال لعل أبا حنيفة أراد
1 / 11
أن التلاوة والصوت والكتابة والنظر والحفظ والاستماع كلها مخلوقة لأنها من أفعال العباد وكسبهم وأما المتلو المقروء والمكتوب في المصاحف من القرآن والمنظور إليه فيها والمحفوظ في الصدور منه والمسموع من تلاوة التالين فلم يقل فيه شيئًا. وعلى هذا فإن الحكم يبقى معلقًا على القول فيه فمن قال أنه مخلوق كما قرره الكوثري فهو ملحق بالجهمية ومن قال أنه كلام الله وفرق بينه وبين أفعال العباد فقوله حق. ونرجو أن يكون أبو حنيفة أراد بكلمته التفريق بين أفعال العباد وبين كلام الله تعالى. والتفريق هو قول أهل السنة والجماعة وقد ذكره إبراهيم الحربي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقرره الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب «خلق أفعال العباد» قال إبراهيم الحربي كنت جالسًا عند الإمام أحمد بن حنبل إذ جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله إن عندنا قومًا يقولون إن ألفاظهم بالقرآن مخلوقة فقال أبو عبد الله: يتوجه العبد لله تعالى
1 / 12
بالقرآن بخمسة أوجه وهو فيها غير مخلوق حفظ بقلب وتلاوة بلسان وسمع بأذن ونظر ببصر وخط بيد فالقلب مخلوق والمحفوظ غير مخلوق والتلاوة مخلوقة والمتلو غير مخلوق والسمع مخلوق والمسموع غير مخلوق والنظر مخلوق والمنظور إليه غير مخلوق والكتابة مخلوقة والمكتوب غير مخلوق. قال إبراهيم: فمات أحمد فرأيته في النوم وعليه ثياب خضر وبيض وعلى رأسه تاج من الذهب مكلل بالجوهر وفي رجليه نعلان من ذهب فقلت له ما فعل الله بك قال: غفر لي وقربني وأدناني فقال قد غفرت لك فقلت له: يارب بماذا قال: بقولك كلامي غير مخلوق. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ففرق أحمد بين فعل العبد وكسبه وما قام به فهو المخلوق وبين ما تعلق به كسبه وهو غير مخلوق ومن لم يفرق هذا التفريق لم يستقر له قدم في الحق. انتهى.
وقد قامت الأدلة من الكتاب والسنة على
1 / 13
الأوجه الخمسة التي نص عليها الإمام أحمد في رواية الحربي فأما قوله حفظ بقلب فدليله قول الله تعالى ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ وقوله تعالى ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ﴾ وقوله تعالى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ قال ابن عباس ﵄: (جمعه في صدرك ثم تقرأه) رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي. وروى الإمام أحمد أيضًا والترمذي والدارمي عن ابن عباس ﵄ قال قال رسول الله ﷺ: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» قال الترمذي حديث حسن صحيح. وروى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن مسعود ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال (استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
1 / 14
قوله: أشد تفصيًا: أي أشد خروجًا وتفلتًا.
وأما قوله (وتلاوة بلسان) فدليله قول الله تعالى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ وقوله تعالى ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ وقوله تعالى ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ وقوله تعالى ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾. وقد استدل الإمام أحمد بهذه الآية وبقول النبي ﷺ: «إن قريشًا منعوني أن أبلغ كلام ربي». على أن اللفظية من الجهمية. وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي عن جابر بن عبد الله ﵄، وقال الترمذي هذا حديث غريب صحيح (١). وقد رواه البخاري في كتاب «خلق أفعال العباد» ثم قال: (فبيَّن النبي ﷺ أن الإبلاغ منه وأن كلام الله من ربه) ولم يذكر عن أحد من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان خلاف
_________
(١) * وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
1 / 15
ما وصفنا وهم الذين أدوا الكتاب والسنة بعد النبي ﷺ قرنًا بعد قرن. انتهى.
وقال تعالى ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ وقال تعالى ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ وقال تعالى ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ﴾ وقال تعالى ﴿لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ وقال تعالى ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا * قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ وقال تعالى ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ وقال تعالى ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورً) وقال تعالى ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًا. وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس رضي
1 / 16
الله عنهما قال كان النبي ﷺ يعالج من التنزيل شدة كان يحرك شفتيه فأنزل الله تعالى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ قال جمعه في صدرك ثم تقرأه ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ قال فاستمع وأنصت ثم علينا أن تقرأه قال فكان رسول الله ﷺ إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي ﷺ كما أقرأه.
وأما قوله (وسمع بأذن) فدليله قول الله تعالى ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ وقوله تعالى ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ وقال تعالى ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ وهم إنما يسمعونه من تلاوة الآدميين لقول الله تعالى ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ
1 / 17
تُرْحَمُونَ﴾ وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال قال لي رسول الله ﷺ: «اقرأ علي القرآن» قال فقلت: «يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل» قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» قال فقرأت عليه من أول سورة النساء. الحديث. وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي أيضًا وابن ماجه والدارمي والبخاري في كتاب «خلق أفعال العباد» بأسانيد صحيحة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه عن البراء بن عازب ﵄ عن النبي ﷺ أنه قال: «زينوا القرآن بأصواتكم» وقد ذكره البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة الجزم. وروى ابن حبان أيضًا عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ مثله. وفي رواية للحاكم عن البراء بن عازب ﵄ أن رسول الله ﷺ قال:
1 / 18
«زينوا أصواتكم بالقرآن» ورواه الخطابي في معالم السنن بهذا اللفظ ثم قال وفيه دليل على هذه الرواية أن المسموع من قراءة القارئ هو القرآن وليس بحكاية للقرآن. انتهى.
وأما قوله (ونظرة ببصر) فقد ورد فيه حديث في إسناده مقال وهو ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام والطبراني وأبونعيم وغيرهم عن بعض أصحاب النبي ﷺ عن النبي ﷺ أنه قال: «فضل قراءة القرآن نظرًا على من يقرأه ظهرًا كفضل الفريضة على النافلة» وروى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة عن أبي معمر عن سفيان قال قال عثمان بن عفان رضي لله عنه: «ما أحب أن يأتي علي يوم وليلة لا أنظر في كلام الله» يعني القراءة في المصحف.
وأما قوله (وخط بيد) فدليله قول الله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾
1 / 19
وقوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ﴾ وقوله تعالى: ﴿بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ﴾ وقوله تعالى: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ وقوله تعالى: ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ إلى غير ذلك من الآيات. وروى مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن ابن عمر ﵄ قال: «نهى رسول الله ﷺ أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو» وفي رواية بعضهم: «مخافة أن يناله العدو» وفي رواية لمسلم أن رسول الله ﷺ قال: «لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن يناله العدو» وقد ترجم البخاري على هذا الحديث بقوله: «باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو» وترجم عليه أبو داود بقوله: «باب في
1 / 20