97

============================================================

الشهيد شح معالم العدل والتوحيل الرابع إن الإنسان إذا كان من النور والظلمة والنور لا يقدر إلا على الخير ولا يمكنه غيره والظلمة لا تقدر إلا على الشر ولا تتمكن من غيره فحينئذ يبطل الأمر والنهي والمدح والذم والحب والزجر وتكون هذه الأمور عبثا قبيحا، وعلى الجملة فقول هؤلاء بأن تكوين الأجسام وتركيبها من النور والظلمة كالأمر الذي يعرف فساده بالضرورة فيجب بطلانه.

فأما ما قالوه من أن أجسام العالم ضربان: ذو ظل، وما ليس بذي ظل. فعلمنا أن العالم متركب منهما.

فالجواب عنه من وجهين: أما أولا فإذا سلمنا لكم أن الأشياء على قسمين ذو ظل وغير ذي ظل فهذا إنما يتأتى بالنهار دون الليل؛ لأن الليل يغشى الأشياء ويسترها بالظلام كما يغشاها النور بالنهار، فإن لزم من وجودنا الأشياء بالنهار على قسمين ذي ظل وغير ذي ظل أن يكون العالم مركبا من ن ور وظلمة فليلزم من وجودها في الليل مظلمة أن يكون العالم مركبا من الظلمة فقط خالصة، وفيه بطلان ما ذكروه.

و أما ثانيا فلئن دل وقوع الظل بما كان له ظل على أن فيه أجزاء من الظلام فليدل ما لا يقع له ظل كالهواء المستنير من الشمس على أنه لا ظلام فيه، فكيف يقال إن العالم ممتزج هما وأما ما ذكروه سادسا في سبب حدوث هذا الامتزاج فجوابه: أما المانوية والديصانية فقد أنكروا هذا المتوسط وزعموا أن امتزاجهما كان لأنفسهما.

فنقول لهم: إن حال هذا الامتزاج لا يخلو إما أن يكون طبيعيا للنور والظلمة أو اختياريا، فإن كان طبيعيا وجب حصوله في الأزل ، وعندكم آن حدوث هذا الامتزاج في بعض

Bogga 97